101

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

Editorial

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٦ هـ

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

أشياءَ واحِد منها يَكفِي في زَلزَلة النَّفْس، فكيف إذا اجتَمَعت! أمورٌ صعبةٌ؛ فقد كان الرسول ﵊ في ذلك المَكانِ؛ كان يَعْصِب على بَطْنه الحجَر من الجُوع (^١)، كيف تَتصوَّر الحال، لا يُمكِن الإنسان يُعبِّر عنها في الواقِع؛ ولهذا قال ﷾: ﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا﴾ قوِيًّا عظيمًا زَلْزَل نُفوسَهم؛ لتُجمَع هذه الابتِلاءاتُ عليهم ﵃. ولهذا بزَغَ النِّفاق، وتَكلَّم المُنافِقون، ورأَوْا أنَّ في هذا فُرْصةً للكلام؛ لأن الرسول ﵊ يَعِدُهم النَّصْر حتى في تِلك الغزو يَعِدُهم النَّصْر، وقِصَّة الصَّخْرة التي عجَزوا عنها وتَكسَّرت الفُؤوس وتَعِبوا حتى جاؤُوا إلى الرسول ﷺ وقالوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ خَطَطْتَ لَنَا" (^٢)؛ لأن الرسول ﵊ خَطَّ لهم مَكان الخَنْدق، خَطَّ لهم بقَدَمه من حِكْمة اللَّه ﷿ أنه صار الخَطُّ على هذه الصَّخْرة التي عجَزوا عنها، لكن لشِدَّة امتِثالهم ﵃ ما قالوا: نَعطِف يَمينًا أو يَسارًا، لكنهم جاؤُوا إلى النبيِّ ﷺ وأَخبَروه، فنزل من عَريشه الذي كان قد بُنِيَ له على تَلٍّ هنالك يُشرِف على القَوْم نزَل وأخَذ المِعوَل، فضرَبها ضَرْبةً. يَقول ابنُ إسحاقَ ﵀: لمَّا ضَرَبها الضَّرْبة أَضاءَت إضاءةً عظيمةً كأنما نحن في نهار واندَكَّ منها ما اندَكَّ، وكبَّر ﵊ فكانت في الليل، ثُم ضرَبها الثانيةَ، فأَضاءَت، وكبَّر تَكبيرةً الفَتْح، تَكبيرةً عظيمةً، ثُمَّ ضرَبها الثالِثةَ وكبَّر، وقالوا: يا رسول اللَّه، لماذا صَنَعْت هذا؟ قال: "رأَيْت في التَّكبِيرةِ الأُولَى قُصورَ الرُّوم، وَفِي

(^١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق، رقم (٤١٠١)، من حديث جابر ﵁. (^٢) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٤١٨)، من حديث عمرو بن عوف المزني ﵁، بلفظ: فإنا لا نحب أن نجاوز خطك.

1 / 106