Tafsir al-Qur'an al-Karim wa I'rabuhu wa Bayanuhu - al-Durra
تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه - الدرة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Géneros
وممّا هو جدير بالذكر: أنّ معنى الشكر في اللغة هو معنى الحمد في الاصطلاح، وأما معنى الشكر في الاصطلاح فهو: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله. هذا؛ والحمد أربعة أقسام: حمد قديم لقديم، كحمد الله لذاته، وحمد قديم لحادث، كحمد الله لأنبيائه، والصّالحين من عباده، وحمد حادث لقديم، كحمدنا الله ﷿، وحمد حادث لحادث، كحمد بعضنا بعضا، ولا تنس: أنّ المدح أعمّ من الحمد؛ لأنّه يكون للحيّ والميت، وللجماد، كما يمدح الطعام، والمكان، ونحو ذلك، ويكون قبل الإحسان، وبعده على الصفات المتعدّية، واللازمة أيضا فهو أعمّ، والألف واللام في ﴿الْحَمْدُ﴾ لاستغراق جميع أنواع الحمد، وصنوفه، كما جاء في الحديث الشريف من قول النبي ﷺ: «اللهم لك الحمد كلّه، وبيدك الخير كلّه، وإليك يرجع الأمر كلّه»، فهذا الحديث من كلام جبريل ﵇ بيّنه النبيّ ﷺ، وهو بروايات مختلفة: عن أنس بن مالك، وعن مصعب بن سعد عن أبيه، وعن أبي سعيد الخدري، منها مطوّل، ومنها مختصر بتخريج البيهقيّ، وابن أبي الدنيا، انظر: الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، رحمه الله تعالى!.
وعن جابر بن عبد الله-﵄-عن رسول الله ﷺ: أنّه قال: «أفضل الذكر: لا إله إلاّ الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله». رواه الترمذيّ، وقال: حسن غريب. وعن أنس-﵁-عن النبي ﷺ: أنه قال: «ما أنعم الله على عبد نعمة، فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ﴾ إلا كان الّذي أعطى أفضل ممّا أخذ». رواه ابن ماجة.
وعن عبد الله بن عمر-﵄: أنّ رسول الله ﷺ حدّثهم: «أن عبدا من عباد الله قال: يا ربّ لك الحمد، كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فعضّلت بالملكين، فلم يدريا كيف يكتبانها؟! صعدا إلى السماء، فقالا: يا ربّنا! إنّ عبدك قد قال مقالة، لا ندري كيف نكتبها؟! قال الله-وهو أعلم بما قال عبده-: ماذا قال عبدي؟ قالا: يا رب! إنه قد قال: يا ربّ لك الحمد، كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي؛ حتّى يلقاني، فأجزيه بها». رواه أحمد، وابن ماجة.
وعن أبي أيوب الأنصاري-﵁-قال: قال رجل عند رسول الله ﷺ: «الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه» فقال رسول الله ﷺ: «من صاحب الكلمة؟» فسكت الرجل، ورأى أنه قد هجم من رسول الله ﷺ على شيء يكرهه. فقال رسول الله ﷺ: «من هو؟ فإنه لم يقل إلاّ صوابا!». فقال الرجل: أنا قلتها يا رسول الله، أرجو بها الخير! فقال: «والّذي نفسي بيده لقد رأيت ثلاثة عشر ملكا يبتدرون كلمتك؛ أيّهم يرفعها إلى الله تعالى». رواه ابن أبي الدنيا، والطّبراني بإسناد حسن، والبيهقيّ.
﴿رَبِّ﴾ يطلق، ويراد به: المالك، والسّيد، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول يوسف، على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام: ﴿اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ﴾ وقوله أيضا: ﴿أَمّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا،﴾ وقال الأعشى: [الكامل]
1 / 19