Tafsir Al-Muntasir Al-Kattani
تفسير المنتصر الكتاني
Géneros
حكم بناء المساجد على قبور الموتى
ذكر الله عن هؤلاء اتخاذهم المساجد على القبور، وهذا في شريعة الإسلام لا يجوز، فقد روى الجمَّ الغفير عن نبي الله ﵊ أنه قال عند موته: (لعن الله اليهود والنصارى، كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا عليه مسجدًا، أولئكِ شرار الخلق).
يقول رواة الحديث: يحذر مما صنعوا، والحديث متواتر.
وقال ﷺ: (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب).
وقد هاجرت أم حبيبة بنت أبي سفيان هجرتها الأولى إلى أرض الحبشة، وكانت زوجة لـ عبيد الله بن جحش فارتد، نسأل الله اللطف والسلامة، فبقيت هي ثابتة على إيمانها، فخطبها ﵊ من النجاشي، وكذلك كانت هناك أم سلمة مع زوجها مهاجرة، ولما مات زوج أم سلمة تزوجها ﷺ، فأصبحتا معًا من أمهات المؤمنين: فقالتا: يا رسول الله! عندما كنا في الحبشة رأينا كنيسة للنصارى فيها تصاوير وتماثيل وأصنامًا، فقال النبي ﵊: (لعن الله اليهود والنصارى كانوا إذا مات أنبياؤهم وصالحوهم بنوا عليهم مسجدًا، أولئك شرار الخلق عند الله) فكان هذا من آخر قول النبي ﵊.
وهذا ليس موضع جدال عند المسلمين، فالمسجد لا يجوز أن يدفن فيه ميت، ولا أن يتخذ مقبرة، ولا يجوز أن يصلى إلى قبر أو عليه، كل كذلك قد حرمه المصطفى ﷺ وأكد تحريمه، وما ذكر هنا قد يكون جائزًا لمن قبلنا.
إذا قيل: هل ما ذكر في القرآن مما هو شريعة لمن قبلنا يعتبر شرعًا لنا أو لا؟ ف
الجواب
أجمع العلماء على أنه إذا ورد ما يخالف شرعنا فليس شرعًا لنا، واختلفوا فيما لم يخالف سنة نبي الله ﷺ أو القرآن هل يصبح شرعًا لنا؟ فالحق أنه ليس بشرع إلا ما قاله الله لنبينا ﷺ أو أخبرنا به الله ﷻ أنه شرع لنا.
وقد نص النبي ﵊ وأكد على حرمة بناء المساجد على القبور، أو إدخال القبور إلى المساجد، روي ذلك عن الجمع الغفير من الأصحاب، وأن القبر لا يقصد بالصلاة ولا يصلى إليه ولا يصلى عليه، وكل هذا ليس موضع جدال بين المسلمين.
ولم يرد في القرآن هل بنوا المسجد فعلًا أم لم يبنوه؟ إنما أخبرنا عن مقولتهم، وكونهم قالوا ذلك لا يدل على أنهم فعلوه.
5 / 3