Tafsir al-Baghawi - Revival of Heritage
تفسير البغوي - إحياء التراث
Investigador
عبد الرزاق المهدي
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٠ هـ
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: قَادِرٌ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ: «شَاءَ، وَجَاءَ»، حَيْثُ كَانَ بِالْإِمَالَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ.
قال ابن عباس يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب لأهل [١] مَكَّةَ، وَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خطاب لأهل الْمَدِينَةِ، وَهُوَ هَاهُنَا عَامٌّ إِلَّا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الصِّغَارُ وَالْمَجَانِينُ. اعْبُدُوا: وَحِّدُوا.
قَالَ ابن عباس: كَلُّ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ من العبادة فمعناه [٢] التَّوْحِيدُ.
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ: وَالْخَلْقُ اخْتِرَاعُ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، أَيْ:
وَخَلَقَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ.
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ: لعلكم [٣] تنجون مِنَ الْعَذَابِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كُونُوا عَلَى رَجَاءِ التَّقْوَى بِأَنْ تَصِيرُوا فِي سَتْرٍ وَوِقَايَةٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَحُكْمُ اللَّهِ مِنْ وَرَائِكُمْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ كَمَا قَالَ: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (٤٤) [طه: ٤٤]، أَيِ: ادْعُوَاهُ [٤] إِلَى الْحَقِّ وَكُونَا [٥] عَلَى رَجَاءِ التَّذَكُّرِ، وَحُكْمُ اللَّهِ مِنْ وَرَائِهِ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَعَلَّ وَعَسَى حَرْفَا تَرَجٍّ، وَهُمَا مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشًا، أَيْ: بِسَاطًا، وَقِيلَ: مَنَامًا، وَقِيلَ: وِطَاءً [٦]، أَيْ: ذَلَّلَهَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا حَزْنَةً لا يمكن القرار عليها، وَالْجَعْلُ هَاهُنَا بِمَعْنَى: الْخَلْقِ، وَالسَّماءَ بِناءً، أي: سقفا مَرْفُوعًا، وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ، أَيْ: [٧] السحاب، ماءً، وهو الْمَطَرَ، فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ: من أَلْوَانَ الثَّمَرَاتِ وَأَنْوَاعَ النَّبَاتِ، رِزْقًا لَكُمْ: طَعَامًا لَكُمْ وَعَلَفًا لِدَوَابِّكُمْ، فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدادًا، أَيْ:
أمثالا تعبدونهم كعبادة الله.
وقال أَبُو عُبَيْدَةَ: النِّدُّ الضِّدُّ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، وَاللَّهُ تَعَالَى بَرِيءٌ مِنَ الْمِثْلِ وَالضِّدِّ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ: أنّه واحد خلق [٨] هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ، أي: [٩] شك [معناه: وإن كنتم] [١٠]، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُمْ شَاكُّونَ مِمَّا نَزَّلْنا، يَعْنِي: الْقُرْآنَ، عَلى عَبْدِنا: مُحَمَّدٍ [ﷺ]، فَأْتُوا: أَمْرُ تَعْجِيزٍ، بِسُورَةٍ، وَالسُّورَةُ قِطْعَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ مَعْلُومَةُ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، مِنْ أَسْأَرْتُ [١١]، أَيْ: أَفْضَلْتُ [١٢] وحذفت الْهَمْزَةُ.
وَقِيلَ: السُّورَةُ اسْمٌ لِلْمَنْزِلَةِ الرفيعة، ومنه سور البلد لِارْتِفَاعِهِ، سُمِّيَتْ سُورَةً لِأَنَّ الْقَارِئَ يَنَالُ بِقِرَاءَتِهَا مَنْزِلَةً رَفِيعَةً حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْمَنَازِلَ بِاسْتِكْمَالِهِ سُوَرَ الْقُرْآنِ، مِنْ مِثْلِهِ، أَيْ: مِثْلِ الْقُرْآنِ، وَمِنْ:
صِلَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ [النُّورِ: ٣٠]، وَقِيلَ: الْهَاءُ فِي مَثَلِهِ رَاجِعَةٌ إلى
(١) في المطبوع «أهل» . (٢) في المطبوع «فمعناها» . [.....] (٣) في المطبوع «لكي» . (٤) في المطبوع «ادعوه» . (٥) في المخطوط «وكونوا» . (٦) في القاموس: الوطاء: خلاف الغطاء. (٧) زيد في المطبوع «من» . (٨) في المطبوع «خالق» . (٩) زيد في المطبوع «وإن كنتم في» . (١٠) سقط من المطبوع. (١١) في المطبوع «أسارت» والتصويب عن «لسان العرب» (٤/ ٣٨٧) . (١٢) كذا في المطبوع و«اللسان» (٤/ ٣٨٧) وهو الصواب. وفي المخطوط- أ- «أفصلت» وفي- ب- «فصلت» .
1 / 93