Tafsir al-Baghawi - Revival of Heritage
تفسير البغوي - إحياء التراث
Editor
عبد الرزاق المهدي
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٠ هـ
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
ومصابرة الواحد العشرة [١] فِي الْقِتَالِ، نُسِخَتْ بِمُصَابَرَةِ الِاثْنَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يُرْفَعُ وَلَا يُقَامُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَامْتِحَانِ النِّسَاءِ، وَالنَّسْخُ إنما يعرض [٢] عَلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي دُونَ الْأَخْبَارِ، أما الْآيَةِ فَقَوْلُهُ: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ، قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِفَتْحِ النُّونِ والسين، مِنَ النَّسْخِ، أَيْ: نَرْفَعُهَا [٣]، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ [٤] بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ، مِنَ الْإِنْسَاخِ وَلَهُ وَجْهَانِ، أحدهما: نَجْعَلَهُ كَالْمَنْسُوخِ [٥]، وَالثَّانِي: أَنْ نَجْعَلَهُ نُسْخَةً لَهُ، يُقَالُ: نَسَخْتُ الْكِتَابَ، أَيْ: كَتَبْتُهُ، وَأَنْسَخْتُهُ غَيْرِي: إِذَا جَعَلْتُهُ نُسْخَةً لَهُ، أَوْ نُنْسِها، أي: ننسها عن [٦] قَلْبِكَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: نَتْرُكُهَا لَا نَنْسَخُهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التَّوْبَةِ: ٦٧]، أَيْ: تَرَكُوهُ فَتَرَكَهُمْ، وَقِيلَ: نُنْسِها، أَيْ: نَأْمُرُ بِتَرْكِهَا، يُقَالُ: أَنْسَيْتُ الشَّيْءَ، إِذَا أَمَرْتُ بِتَرْكِهِ، فَيَكُونُ النَّسْخُ الْأَوَّلُ مِنْ رَفْعِ الْحُكْمِ وَإِقَامَةِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ، والإنساء يكون نسخا مِنْ غَيْرِ إِقَامَةِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو «أو ننسأها» بفتح النون الأولى [٧] وَالسِّينِ مَهْمُوزًا، أَيْ: نُؤَخِّرُهَا فَلَا نُبَدِّلُهَا، يُقَالُ: نَسَأَ اللَّهُ فِي أَجَلِهِ وَأَنْسَأَ اللَّهُ أَجَلَهُ. وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا نَرْفَعُ تِلَاوَتَهَا وَنُؤَخِّرُ حُكْمَهَا كَمَا فَعَلَ فِي آيَةِ الرَّجْمِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّسْخُ الْأَوَّلُ بِمَعْنَى رَفْعِ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٌ: أَمَّا مَا نُسِخَ مِنْ آيَةٍ فَهُوَ مَا قَدْ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، جَعَلَاهُ: مِنَ النَّسْخَةِ أَوْ نَنْسَأَهَا أَيْ نُؤَخِّرُهَا وَنَتْرُكُهَا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فلا تَنْزِلُ. نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها، أَيْ: بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لَكُمْ وَأَسْهَلُ عَلَيْكُمْ وَأَكْثَرُ لِأَجْرِكُمْ، لَا أَنَّ آيَةً خَيْرٌ مِنْ آيَةٍ، لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَكُلُّهُ خَيْرٌ، أَوْ مِثْلِها: فِي الْمَنْفَعَةِ وَالثَّوَابِ، فَكُلُّ مَا نُسِخَ إِلَى الْأَيْسَرِ فَهُوَ أَسْهَلُ فِي الْعَمَلِ، وَمَا نُسِخَ إِلَى الْأَشَقِّ فَهُوَ فِي الثَّوَابِ أَكْثَرُ. أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: مِنَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، لَفْظُهُ اسْتِفْهَامٌ وَمَعْنَاهُ تَقْرِيرٌ، أَيْ: إِنَّكَ تَعْلَمُ.
[سورة البقرة (٢): الآيات ١٠٧ الى ١٠٨]
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٠٧) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨)
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ: يَا مَعْشَرَ الْكُفَّارِ عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ، مِنْ دُونِ اللَّهِ: مِمَّا سِوَى اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ: قَرِيبٍ وَصَدِيقٍ، وَقِيلَ: [مِنْ] [٨] وَالٍ، وَهُوَ الْقَيِّمُ بِالْأُمُورِ، وَلا نَصِيرٍ: نَاصِرٍ يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْعَذَابِ.
قَوْلُهُ: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ، نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ حِينَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ ائْتِنَا بِكِتَابٍ من السماء جملة [واحدة] [٩] كَمَا أَتَى مُوسَى بِالتَّوْرَاةِ، فَقَالَ تَعَالَى: أَمْ تُرِيدُونَ، يَعْنِي: أَتُرِيدُونَ، فَالْمِيمُ صِلَةٌ، وَقِيلَ: بَلْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ مُحَمَّدًا ﷺ، كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ، سَأَلَهُ قَوْمُهُ [فقالوا] [١٠] أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النساء: ١٥٣]، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا، كَمَا أَنَّ مُوسَى سَأَلَهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً، فَفِيهِ مَنْعُهُمْ عَنِ السؤالات المقترحة بَعْدَ ظُهُورِ الدَّلَائِلِ وَالْبَرَاهِينِ. وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ: يَسْتَبْدِلُ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ: أَخَطْأَ وَسَطَ الطَّرِيقِ، وَقِيلَ: قَصْدَ السبيل.
(١) في المخطوط «للعشر» .
(٢) في المطبوع «يعترض» .
(٣) في المطبوع «ترفعا» .
(٤) في المطبوع «عاصم» .
(٥) في المطبوع «في المنسوخ» .
(٦) في المخطوط «نثبتها على» .
(٧) في نسخ المطبوع «الأول» .
(٨) سقط من المطبوع وحده.
(٩) زيادة عن المخطوط.
(١٠) زيادة عن المخطوط.
1 / 154