129

Tafsir al-Baghawi - Revival of Heritage

تفسير البغوي - إحياء التراث

Investigador

عبد الرزاق المهدي

Editorial

دار إحياء التراث العربي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٠ هـ

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

عُبَيْدَةَ [١]: بِمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وأعطاكم، لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ: ليخاصموكم بِهِ، يَعْنِي: أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَيَحْتَجُّوا بِقَوْلِكُمْ عَلَيْكُمْ، فَيَقُولُوا: قَدْ أَقْرَرْتُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ حَقٌّ فِي كِتَابِكُمْ، ثُمَّ لَا تَتَّبِعُونَهُ؟ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ حِينَ شَاوَرُوهُمْ فِي اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ ﷺ آمِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ حَقٌّ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَتُحَدِّثُونَهُمْ بما فتح الله عليكم [٢]، ليكون لَهُمُ الْحُجَّةُ عَلَيْكُمْ. عِنْدَ رَبِّكُمْ [فِي الدُّنْيَا] [٣] وَالْآخِرَةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ أَخْبَرُوا الْمُؤْمِنِينَ بِمَا عَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْجِنَايَاتِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَذَابِ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ، لِيَرَوُا الْكَرَامَةَ لِأَنْفُسِهِمْ عَلَيْكُمْ عِنْدَ اللَّهِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ [٤]: هُوَ قَوْلُ يَهُودَ قُرَيْظَةَ [قَالَ] [٥] بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ حِينَ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ يَا إِخْوَانَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، فَقَالُوا: مَنْ أَخْبَرَ مُحَمَّدًا بِهَذَا؟ مَا خَرَجَ هَذَا إِلَّا مِنْكُمْ، أَفَلا تَعْقِلُونَ.
[سورة البقرة (٢): الآيات ٧٧ الى ٧٩]
أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٧) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٧٨) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)
قوله ﷿: أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ: يُخْفُونَ، وَما يُعْلِنُونَ: يُبْدُونَ، يَعْنِي الْيَهُودَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ، أَيْ: مِنَ الْيَهُودِ أُمِّيُّونَ لَا يُحْسِنُونَ الْقِرَاءَةَ وَالْكِتَابَةَ، جَمْعُ: أُمِّيٍّ، مَنْسُوبٌ إِلَى الْأُمِّ كَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَا انْفَصَلَ مِنَ الْأُمِّ لَمْ يَتَعَلَّمْ [٦] كِتَابَةً ولا قراءة.
ع «٦٧» [وروي عن الرَّسُولِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ» .
أَيْ: لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى أُمِّ الْقُرَى وَهِيَ مَكَّةُ] [٧] . لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ: «أَمَانِيَ»، بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ، كُلَّ الْقُرْآنِ، حَذَفَ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ تَخْفِيفًا، وقراءة العامّة بالتشديد، وهو جمع: أمنية وهي التلاوة، وقال اللَّهُ تَعَالَى: إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [الْحَجِّ: ٥٢]، أَيْ: فِي قِرَاءَتِهِ، قَالَ أَبُو عبيدة: إلا تلاوة وقراءة عن ظهر القلب لا يقرؤونه مِنْ كِتَابٍ، وَقِيلَ: يَعْلَمُونَهُ حِفْظًا وقراءة، لا يعرفون معناه، قال ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي غَيْرَ عَارِفِينَ بِمَعَانِي الْكِتَابِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ [٨]: إِلَّا كَذِبًا وَبَاطِلًا، قَالَ الْفَرَّاءُ: الْأَمَانِيُّ [٩]: الْأَحَادِيثُ الْمُفْتَعَلَةُ، قَالَ عُثْمَانُ ﵁:
مَا تَمَنَّيْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، أَيْ: مَا كَذَبْتُ وَأَرَادَ بِهَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي كَتَبَهَا عُلَمَاؤُهُمْ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ [١٠] أضافوها إلى الله مِنْ تَغْيِيرِ نَعْتِ النَّبِيِّ ﷺ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: هِيَ مِنَ التمنّي وهي أمانيهم

(١) هو الإمام معمر بن المثنى النحوي اللغوي صدوق أخباري توفي سنة ٢٠٨.
(٢) زيد في المطبوع «ليحاجوكم به، يعني» .
(٣) زيادة عن المخطوط وط-.
(٤) أخرجه الطبري ١٣٥٠ وهذا مرسل، فهو ضعيف. والمرفوع ورد من قول علي، وهو أصح.
(٥) زيد في المطبوع.
(٦) في المطبوع وحده «يعلم» .
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من المخطوط. [.....]
(٨) زيد في المطبوع.
(٩) في المطبوع «أماني» .
(١٠) في المخطوط «مما» .
٦٧- ع صحيح. أخرجه البخاري ١٩١٣ ومسلم ١٠٨٠ ح ١٣ وأبو داود ٢٣١٩ والنسائي ٤/ ٣٩- ٤٠ وفي «الكبرى» (٢٤٥٠) وأحمد ٢/ ٤٣ من حديث ابن عمر بأتم منه.

1 / 136