180

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Géneros

تفسير قوله تعالى: (قل إنما يوحى إلي إلهكم إله واحد) قال الله سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [الأنبياء:١٠٨]. أي: فهذا الوحي الذي جئتكم هو: أن تعبدوا الإله الواحد سبحانه الذي كنتم تتعجبون منه، وتقولون: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [ص:٥] فقال: أنا جئتكم بذلك لأن تعبدوا إلهًا واحدًا لا شريك له. ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [الأنبياء:١٠٨]، أي: هل تسلمون لرب العالمين أنفسكم ووجوهكم وقلوبكم وأعمالكم، فتكون خالصة له سبحانه، فإذا أسلموا فهو خير لهم، وأما: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ [الأنبياء:١٠٩] يعني: أعلمتكم على سواء. وكلمة: (على سواء) هنا معناها: أن ما أجهر به مثل ما أخفيه، فهما سواء، بمعنى: لا أقول لكم شيئًا وأخفي عنكم غيره، فلا أغدر ولا أخلف ولا أكذب، وإنما الذي أقوله بلساني هو في قلبي، فقد آذنتكم وأعلمتكم علمًا نستوي نحن وأنتم فيه، ونستوي في العلم أن مرجعنا إلى الله ﷾، وأنه لا مودة بيننا وبينكم. قال تعالى: ﴿وَإِنْ أَدْرِي﴾ [الأنبياء:١٠٩]، (إن) بمعنى ما، أي: ما أدري. ﴿أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء:١٠٩]، أي: يوم القيامة الذي أنتم تستعجلون به، لا أدري هل هو قريب أم بعيد؟ وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ﴾ [الأنبياء:١١٠]. أي: إن الله ﵎ يعلم الجهر وما تنطقون به، ويعلم ما تكتمون. ثم قال تعالى: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [الأنبياء:١١١]. ﴿وَإِنْ أَدْرِي﴾ [الأنبياء:١٠٩]: لعله عائد على الإمهال، أي: إن الله أمهلكم ولا أدري أقريب أم بعيد هذا الإمهال! فلعل ذلك يكون اختبارًا لكم وفتنة وامتحانًا ومتاعًا تمتعون به في هذه الدنيا، حتى يأتيكم الأجل. قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الأنبياء:١١٢]. أي: قال النبي ﷺ داعيًا ربه، كما قال المرسلون قبل ذلك، فإنهم سألوا ربهم ﷾ فقالوا: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ [الأعراف:٨٩]. كذلك قيل للنبي ﷺ: قل ذلك، ولذلك قرأ الجمهور: «قل رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ». وقرأ حفص وحده عن عاصم من القراء: ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الأنبياء:١١٢]. والقراءتان في الآية لهما معنيان، فكأنه قال له ربه: قل ذلك، فقال ﷺ: ﴿رَبِّ احْكُمْ؟بِالْحَقِّ﴾ [الأنبياء:١١٢]. وقرأ الجمهور: «ربِّ». وقرأ أبو جعفر: «ربُّ احكم بالحق»، يعني: يا رب! احكم بالحق. ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء:١١٢] يعني: يا رب! افتح بيننا وبينهم، وأظهر حكمك في هؤلاء، وربنا ﵎ هو الرحمن، ومن رحمة رب العالمين أن أرسل محمدًا صلوات الله وسلامه عليه، وأمهل هؤلاء لعلهم يؤمنون، ولم يعاجلهم بالعقوبة، وقد آمن كثير من هؤلاء الذين كانوا من أشد الناس على النبي ﷺ. ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء:١١٢]، أي: نستعين برب العالمين على ما تقولون من أقوال شركية، وعلى ما تفترون على الله من الكذب، وعلى ما تتهمون به النبي ﷺ، من قولكم: كاهن وساحر ومجنون وكذاب وغير ذلك، فهو المستعان ﷾ على ما تقولون، وما تصفون. نسأل الله ﷿ أن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علمًا نافعًا، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يتقبل منا صلاتنا وصيامنا وقيامنا. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

15 / 14