128

Tafsir Ahmed Hateeba

تفسير أحمد حطيبة

Géneros

قصة إتيان إبراهيم ﵇ بأهله إلى مكة وتركهم فيها وقد ولد إسماعيل من هاجر، فلما ولد لها غارت سارة من هاجر، فأخذ إبراهيم بوحي من الله ﷿ هاجر وابنها إسماعيل بعيدًا عن سارة وذهب بهما إلى مكة. وكانت سارة في الشام. وقد كانت مكة صحراء لا طعام فيها، ولا ماء، وعندما وصل بهما إلى مكة ترك بها جرابًا من تمر وسقاء فيه ماء، وتركها هناك عند موضع البيت، ولم يكن البيت في ذلك الوقت موجودًا، وترك ابنه الوحيد الذي جاء له بعد أكثر من ثمانين سنة في هذا المكان مع أمه. فقالت هاجر: يا إبراهيم! إلى من تتركنا في هذا المكان الذي لا أنيس به ولا جليس؟ فسكت إبراهيم وكأن الأمر شديدًا على نفسه، ولكنه ينفذ أمر الله ﷿ ووحيه، فانطلق وتركها، فقالت: إلى من تتركنا؟ وفي النهاية قالت: إلى الله؟ قال: نعم. قالت: إذًا فلا يضيعنا. وذهب إبراهيم حتى إذا كان وراء أكمة، أي: ثنية، وقد كان متجلدًا أمامها وأمام ولده الصغير حتى لا يتسخطان أمر الله، فلما توارى خلف الأكمة ظهر حنانه ﵊ ودعا ربه متوسلًا إليه: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ﴾ [إبراهيم:٣٧ - ٣٨]. فدعا ﵊ ربه سبحانه، وترك ابنه، فشب هذا الولد، وكان أبوه يأتيه بين الحين والحين ينظر إليه ويرجع، وصبر الولد وشب.

11 / 16