308

43

قوله : { وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين } . قال بعضهم : { وعندهم التوراة فيها حكم الله } ، أي بيان ما تشاجروا فيه من شأن قتيلهم ، يعني القود؛ أي إن في التوراة أن النفس بالنفس .

قال الحسن : إن رجلا من أشراف اليهود زنى وهو محصن ، فرفعه أحبارهم إلى رسول الله A ، ورجوا أن يصيبوا عنده رخصة وقد علموا أنه رسول الله ، وكان عندهم في التوراة الرجم . فأتوه به وقالوا : يا محمد ، إن هذا قد زنى وهو محصن ، فماذا عليه في دينك؟ فأبى الله إلا أن يقررهم ، فقال لهم رسول الله A : « أناشدكم بالله ما عليه؟ فقالوا : يا أبا القاسم ، إنا لم نرد هذا ، وإنا قد رضينا بحكمك . فأبى الله إلا أن يقررهم له ، فقال لهم رسول الله : أناشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما عليه؟ فقالوا مثل ذلك . فأبى الله لرسوله إلا أن يقررهم له . فقال لهم مثل ذلك . فقالوا : الرجم . فأمر به رسول الله A فرجم » .

ذكروا عن ابن عمر أن يهوديين أصابا فاحشة ، فرفعا إلى النبي A فقال : « ما في كتابكم؟ » فقالوا : يحممان ويجبهان ويجلدان ويغلظ لهما في القول؛ ثم يخرجان عن أوطانهما ويطردان . فقال عبد الله بن سلام : كذبوا؛ في كتابهم الرجم يا رسول الله . فقال لهم : { فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين } [ آل عمران : 93 ] . قال : فأتوا بها فجاءوا بقارئهم فوضع يده على آية الرجم وجعل يقرأ . فقال عبد الله بن سلام : أرخ كفك . فباعدها ، فإذا آية الرجم تلوح . فأمر رسول الله A برجمهما . قال ابن عمر فلقد رأيتهما وهما يرجمان وإنه ليقيها الرجم بنفسه .

ذكروا عن عكرمة قال : إن يهوديين رفعا إلى رسول الله A وقد أصابا فاحشة فسألهم فقال : « أيكم أعلم؟ » فقالوا : ابن صوريا ، رجل أعور . فسأله رسول الله A فقال : « أنت أعلم اليهود؟ » فقال : إنهم ليقولون ذلك . فقال : « إني أناشدك بالذي فلق البحر لبني إسرائيل ، وأنزل التوراة على موسى ، وأنزل عليهم المن والسلوى ، ما تجدون في كتابكم؟ » فقال : لقد سألتني بعظيم ولا ينبغي لي أن أكتمك؛ في كتابنا الرجم ، ولكنا كنا نتكاتمه بيننا ، فرجمهما رسول الله .

وقال بعضهم : بلغنا أن اليهود قالت حين زنى ذلك الرجل منهم؛ إنه بلغنا أن محمدا يجلد الزاني مائة ، وفي كتابنا الرجم ، فنرفع هذا إليه . فقال لهم بعض المنافقين : سلوه عن ذلك فإن أخبركم بالجلد فاقبلوه ، وإن أخبركم بالرجم فاحذروا .

Página 308