58
قوله : { وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية } أي بيت المقدس { فكلوا منها حيث شئتم رغدا } أي لا حساب عليكم فيه . { وادخلوا الباب سجدا } قال بعضهم : هو باب من أبواب بيت المقدس { وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين } فازدحموا على أوراكهم خلافا لأمر الله .
وقال الحسن : رفع لهم باب ، فأمروا أن يسجدوا لله ، يضعوا جباههم ويقولوا حطة ، وهو كقولك : احطط عنا خطايانا . وإنما ارتفعت لأنها حكاية . قال : قولوا : كذا وكذا . قال الحسن : فدخلوا وقد حرفوا وجوههم ، ولم يسجدوا وقالوا : حنطة . وقال بعضهم : بل قالوا حبة شعيرة .
قال الله : { فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا [ أي : عذابا ] من السماء بما كانوا يفسقون } . قال بعضهم : بلغنا أن ذلك العذاب كان الطاعون ، فمات منهم سبعون ألفا .
ذكروا أن رسول الله A قال : « الطاعون بقية رجز وعذاب عذب به من كان قبلكم ، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها ، وإن وقع بأرض ولستم فيها فلا تقدموا عليها » وذكروا عن النبي عليه السلام أنه قال : « الطاعون رجز أرسل من قبلكم على بني إسرائيل ، فإذا وقع بأرض فلا تخرجوا فرارا منه ، وإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوا عليه » .
وتفسير مجاهد : أمر موسى قومه أن يدخلوا سجدا ويقولوا حطة ، وطؤطئ لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلم يسجدوا ، وقالوا حنطة ، فنتق فوقهم الجبل ، أي : قطع؛ فجعل فوقهم وأشرف به عليهم . فدخلوا الباب سجدا على خوف وأعينهم إلى الجبل ، فرفع عنهم .
وقال الكلبي : لما فصلت بنو إسرائيل من أرض التيه ودخلوا العمران ، وكانوا بجبال أريحا من الأردن قيل لهم : ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا . وكانت بنو إسرائيل قد أخطأوا خطيئة ، فأحب الله أن يستنقذهم منها إن تابوا ، فقيل لهم : إذا انتهيتم إلى باب القرية فاسجدوا ، وقولوا حطة تحط عنكم خطاياكم ، وسنزيد المحسنين الذين لم يكونوا من أهل تلك الخطايا إحسانا إلى إحسانهم . فأما المحسنون ففعلوا ما أمروا به . وأما الذين ظلموا فبدلوا قولا غير الذي قيل لهم فقالوا : حطتا سمقتا بالسريانية : أي : حنطة حمراء استهزاء وتبديلا لقول الله . قوله : { نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين } . أي : من كان محسنا زيد في إحسانه ، ومن كان مخطئا غفرت له خطيئته .
Página 27