44
{ أتأمرون الناس بالبر } أنواع الخير والطاعات ، وترك المحرمات والمكاره ، والمراد الإيمان بمحمد A لأنه جامع لذلك ، وللتوسع فى الخير مع الله والأقارب والأجانب كما هو ، أصل البرد المأخوذ من البر بالفتح للقضاء الواسع { وتنسون أنفسكم } تتركونها عمد من البر ، فلا تأمرونها به ، والاستفهام توبيخ لهم ، أو إنكار لأن يصح ذلك عقلا أو شرعا ومحطه قوله وتنسون أنفسكم ، { وأنتم تتلون الكتب } التوراة وفيما النهى عن مخالفة القول العمل ، فإنها صورة الجاهل بالشرع والخالى عن العقل ، إذ كان يعظ ولا يتعظ ، وليس عدم العمل مسقطا لفرض الأمر والنهى ، فإن لم يعمل ولم يأمر ، ولم ينه فقد ترك فروضا ، وإن عمل ولم يأمر ولم ينه أو أمر ونهى وترك العمل فقد ترك بعضها ، والنسيان مشترك بين الزوال عن الحافظة والترك عمدا ، وقيل مجاز فى الترك ، لأنه لازم ومسبب عن الزوال عنها ، ونكتة التعبير به التلويح إلى أنه لا يليق أن يصدر ذلك إلا لزوال عن الحافظة ، يطلع ناس من أهل الجنة على ناس فى النار فيقولون : كنتم تأمروننا بأعمال دخلنا بها الجنة ، فيقولون كنا نخالف إلى غيرها { أفلا تعقلون } أى فألا تعقلون قبح ذلك ، قدمت الهمزة عن العاطف لتمام صدارتها ، أو دخلت على معطوف عليه محذوف ، وهكذا فى القرآن ، أى أتغفلون فلا تعقلون .
Página 55