133
{ أم كنتم شهدآء } جمع شاهد كعالم وعلماء ، أو شهيد ككريم وكرماء { إذ حضر يعقوب الموت } قالت اليهود ، لعنهم الله ، للنبى A : ألم تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية ، وما مات نبى إلا عليها ، فنزل « أم كنتم شهداء » وعنوا باليهودية ملة موسى ، وعنوا ألا تخالف فيما خالفها القرآن والإنجيل فيه ، أو عنوا اليهودية المحدثة الباطلة ، فكذبهم الله بأن يعقوب أوصاهم بدين الحق ولم تحضروا ، ولو حضرتم فى زمانه لسمعتموه فى ذلك ، وإنما اليهودية بعد موسى { إذ } بدل من إذ { قال لبنيه ما تعبدون من بعدى } من بعد موتى ، أراد بما العموم ، من يعلم ومن لا يعلم ، ويبعد أن يكون المراد ما لا يعلم فقط ، وأنه كمختبر لهم ، وكانت المعبودات فى زمانه أصناما ونجوما وغير ذلك مما لا يعلم ، فيقول لهم : أيها تعبدون ، فأجابوا أن لا نعبدها ، بل نعبدالله ، كما قال { قالوا نعبد إلهك وإله ءابائك } أى الله الذى هو معبودك ، ومعبود آبائك { إبراهيم وإسمعيل } عده أبا ليعقوب تغليبا للأكثر ، ولأنه عمه ، والعم أب ، كما فى الحديث ، وأن العم صنو الأب ، وأن العباس بقية آبائى ، وقال : ردوا على ، أى ، وهو العباس حين بعثه لمكة ليدعوهم ، لئلا يقتلوه ، واحفظونى فى العباس فإنه بقية آبائى ، وقدمه على إسحاق الأب الحقيقى تغليبا ، ولكبرسنه ، إذ زاد على أخيه إسحاق بأربع عشر سنة ، ولأنه جد نبينا A ، ولو جعلنا إبراهيم بدلا من إله على حذف مضاف ، أى إله إبراهيم لم نحتج لتأويل فى ذكر إسماعيل إلا أن فيه سوء أدب { وإسحق ألها واحدا } بدل من إلهك ، أو نعنى إلها واحدا ، تصريح بالتوحيد نفيا للتعدد المتوهم من قوله « إلهك وإله آبائك » فإن أغلبية كون العرفة المكررة عين الأولى لا تكون نصا ، ولأنها فى غير العطف ، أما فيه فكما هنا ، فقد عارضها أغلبية أخرى ، هى أن الأصل فى العطف التغاير ، وقد تستفاد الوحدة من الهاء ، فيكون قوله واحدا نقيا للتركيب والمشاركة فى الصفات { ونحن له مسلمون } مخلصون التوحيد ، أو منقادون لأمره ونهيه .
Página 153