161

Tafsir

تفسير الأعقم

Géneros

[يوسف: 82]، قيل: هذه الآية عامة في جميع القراء، والله يميت أهلها ويعذبهم عقوبة، وقيل: أما الصالحة بالموت وأما الطالحة بالعذاب، وقيل: مهلكوها بالموت { أو معذبوها } بعذاب الاستئصال عقوبة، قوله تعالى: { كان ذلك في الكتاب مسطورا } مكتوبا في اللوح المحفوظ، وقيل: الكتاب الذي كتب للملائكة من أخبار عباده، وقيل: فيما أنزل من الكتب { وما منعنا أن نرسل بالآيات } المنقوحة بالمعنى لا نرسلها { إلا تخويفا } من نزول العذاب العاجل كالطليعة والمقدمة، فإن لم يخافوا وقع عليهم، وإن أرادوا غيرها فالمعنى وما نرسل من الآيات كآيات القرآن { إلا أن كذب بها الأولون } إلا تخويفا وإنذار بعذاب الآخرة، وقيل: أراد بالآيات التي سألتها قريش من تحويل الصفا ذهبا وغيرها، لأنا لو أرسلنا ثم كذبوا أهلكناهم، وقيل: لأنه علم أن فيهم من يؤمن ويلد مؤمنا، وقيل: أراد بقاء هذه الأمة وتأخير العذاب عنهم إلى يوم القيامة { وآتينا ثمود الناقة } يعني قوم صالح { مبصرة } ، قيل: مبينة عندهم، وقيل: مبصرة تبصر الناس لما فيها من العبر والهدى من الضلالة { فظلموا بها } يعني كفروا بتلك الآية، وقيل: ظلموا أنفسهم بقتلها { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } للعباد ليؤمنوا .

[17.60-65]

{ وإذ قلنا لك } يا محمد { ان ربك أحاط بالناس } لفظ الإحاطة توسع ومجاز، والمراد أحاط بهم علما وقدرة، والمعنى أنه عالم بجميع الأشياء { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } ، قيل: هي رؤيا عين، وما رأى ليلة المعراج من الآيات والعبر وأسري به إلى بيت المقدس ثم إلى السماء فلما أخبر به المشركون كذبوه، وقيل: هي رؤيا نوم وهي أنه رأى في المنام أنه يدخل مكة قصدها عام الحديبية فرجع ودخلها في العام القابل ونزل { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق } الآية، ولما رجع (عليه السلام) من الحديبية قال ناس: قد حدثنا أنه سيدخلها، وقال بعضهم: لم يوقت { والشجرة الملعونة في القرآن } قيل: شجرة الزقوم وقد ذكرها تعالى في قوله:

إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم

[الدخان: 43-44] والملعونة قيل: ملعون أكلها، وقيل: اليهود لأنهم أصل اللعنة والعرب تضف الشيء بالشجرة، والأكثر على أنها شجرة الزقوم { ونخوفهم } بما تقدم من الإهلاك وما وعدوا من الشجرة وعذابها { فما يزيدهم } ذلك { إلا طغيانا كبيرا } أي يجاوزوا في حد الكفر { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } ، قيل: هو تحية، وقيل: هو قبلة السجود { إلا إبليس } تكبر ولم يكن من الملائكة إلا أنه أمر معهم بالسجود { لمن خلقت طينا } فأخطأ إبليس من وجوه: أحدها: أن الفضل بالتقوى، وثانيها: أن الأرض خير من النار، وثالثها: أنه لم يؤمر بتعظيم غيره بمعنى يرجع إلى أصله، ورابعها: أنه رد الأمر ولم يرض بالقضاء، وخامسها: أنه اعتقد أن الأمر قبيح { قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي } أي فضلته علي { لأحتنكن ذريته } ، قيل: لأستولي عليهم، وقيل: لأحتوينهم، والاحتناك الانقطاع من الأصل، يقال: احتنك فلان ما عند فلان إذا استقصاه فأخذه كله، واحتنك الجراد الزرع إذا أكله كله، الموفور المكمل أي تاما كاملا، لأحتنكن من احتنكت الدابة إذا جعلت في حنكها الأسفل يقودها به { إلا قليلا } وهم الصالحون استثناء لعلمه إن كيده لا ينفد فيهم، ف { قال } تعالى مجيبا له عن قوله على سبيل الاستصغار: { اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا } يعني أنه تعالى لا يمنعه منهم جبريل ولكن يخلي بينهم وبينه، وهذا جواب استصغار كمن يقول افعل ما شئت فلن تضر إلا نفسك { واستفزز } الاستفزاز الازعاج يقال: استفزه أي استزله { من استطعت منهم بصوتك } ، قيل: بدعائك إلى معصية الله، وقيل: بالغناء والمزامير والهوى، وقيل: كل صوت دعا به إلى الفساد فهو من صوت الشيطان كالغناء والنياحة والدعاء إلى الباطل { وأجلب عليهم } قيل: اجمع عليهم ما قدرت عليه من مكابدتك { بخيلك ورجلك } كل راجل وماشي في معصية الله من الإنس والجن، وروي كل راكب قاتل في معصية الله فهو من خيل من الشيطان، وكل راجل كذلك، وقيل: خيله ورجله كل داع إلى معصيته { وشاركهم في الأموال والأولاد } وأما المشاركة بالأموال والأولاد فهو كل معصية يحملهم عليها كالزنا والمكاسب المحرمة كالبحيرة والسائبة والانفاق في الفسوق والإسراف ومنع الزكاة، وقيل: أولاد الزنا وقتل الموؤدة، قوله تعالى: { وعدهم } كان الآخرة لهم كما وعد آدم بأن يكون ملكا ومخلدا، وقيل: منهم زينة الدنيا باعتقاد الباطل وأن لا ثواب لهم ولا عقاب { وما يعدهم الشيطان إلا غرورا }.

{ إن عبادي } يريد الصالحين { ليس لك عليهم سلطان } أي لا تقدر أن تغويهم { وكفى بربك وكيلا } لهم يتوكلون به في الاستعاذة منك، وقيل: حافظا ومانعا منك.

[17.66-70]

{ ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما } أي منعما عليكم، احتج عليهم بدلائل التوحيد حثا على اتباع أمره { وإذا مسكم الضر في البحر } خوف الغرق { ضل من تدعون إلا إياه } يعني أيقنتم أنكم لا تجدون ملجأ غيره، وضل عنكم ما كنتم دعوتموه إنها غيره { فلما نجاكم }: خلصكم { إلى البر أعرضتم } عن الايمان والطاعة كفرا بالنعمة { وكان الانسان كفورا } وعادته الكفر بالنعم، وهذه عادة من لا يعرف الله حق معرفته { أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر } أي يقلبه وأنتم عليه، وكما قال: وخسفنا به وبداره الأرض { أو يرسل عليكم حاصبا } أي حصب بالحجارة من السماء، وقيل: هي الريح التي تحصب يعني إن لم يصيبكم بالهلاك من تحتكم بالخسف أصابكم بريح من فوقكم يرسلها { أم أمنتم }: أي تقوى دواعيكم وتوفر حوائجكم إلى أن ترجعوا فتركبوا البحر مرة ثانية، تارة أخرى أي مرة أخرى { فيرسل عليكم قاصفا من الريح } ، قيل: ريح شديدة لها صوت { فيغرقكم بما كفرتم } أي بكفرانكم نعم الله وجحودكم إياه { ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا } يعني طالبا ولا ناصرا وأصله من يتبع إهلاككم للمطالبة بدمائكم { ولقد كرمنا بني آدم } أي أكرمناهم بإنعامنا عليهم بأنواع النعم، ومتى قيل: لم أطلق وفيهم الكافر والمهين؟ قالوا: معناه أكرمناهم بالانعام الدنياوي كالصورة الحسنة وتسخير الأشياء لهم وكرامة الله بالعقل والنطق والتمييز والخط والصورة الحسنة والقامة المعتدلة، وقيل: بتسليطهم على من في الأرض وتسخيره لهم، وقيل: كل شيء يأكل بنيه إلا ابن آدم، وقيل: بأن جعل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم { وحملناهم في البر والبحر } يعني في البر على ظهور الدواب وفي البحر على السفن، وذلك نعم يخص بها بنو آدم { ورزقناهم من الطيبات } كسب الرجل بيده من وجه حلال، وقيل: أراد المطاعم فجعل لهم الأطيب من كل شيء وما لا يستلذونه فهو لغيرهم { وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } هو ما سوى الملائكة (صلوات الله عليهم) وقيل: الإكرام بالنعم التي يصنع بها التكليف، والفضل هو التكليف الذي عرضه به للمنازل العالية يوم القيامة.

[17.71-77]

{ يوم ندعوا } يوم القيامة { كل أناس بإمامهم } ، قيل: إمامه نبيه، وقيل: إمامه كسب أعمالهم، وقيل: بكتابهم الذي أنزل الله عليه اليهم فيه الحلال والحرام فيقال: يا أهل التوراة يا أهل القرآن يا أهل الانجيل { فمن أوتي كتابه } يعني صحائف أعمالهم، قوله تعالى: { فأولئك يقرأون كتابهم ولا يظلمون } ولا يبخسون حقهم { فتيلا }: هو المفتول الذي في شق النواة { ومن كان في هذه أعمى } ، قيل: هذه إشارة إلى ما قد تقدم من النعم أي في هذه النعم التي عددناها، وقيل: في هذه الدنيا وأمورها، يعني من كان في هذه الدنيا أعمى عن آيات الله واعتقاده { فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا } ، وقيل: من كان في هذه الدنيا ضالا فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره } اختلف في نزولها قيل: نزلت في قريش قالوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا ندع لسلم بالحجر الأسود حتى تلم بآلهتنا، فحدث نفسه وقال: " ما علي أن ألم بها والله يعلم اني لها كاره " فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقيل: سألوه ذكر آلهتهم، وقيل: قالوا: كف عن شتم آلهتنا وتسفيه أحلامنا، وتطرد هؤلاء الأعبد حتى نجالسك، وقيل: انهم خلوا به ليلة يكلمونه ويسألونه فما زالوا به حتى كاد يقاربهم فنزلت، وقيل: نزلت في وفد ثقيف وهم ثمانون راكبا، قالوا: نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال: لا ننحني في الصلاة، ولا يكسر أصنامنا غيرنا بأيدينا، وتمتعنا باللات سنة، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):

Página desconocida