148

Tafsir

تفسير الأعقم

Géneros

{ تحيتهم فيها سلام } يعني في الجنة يحي بعضهم بعضا بالسلام والملائكة تحييهم بالسلام { ألم تر } ألم تعلم { كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة } أراد كلمة التوحيد، وقيل: كلمة حسنة كالتسبيح والتحميد والاستغفار والتوبة والدعوة، وعن ابن عباس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأما الشجرة فكل شجرة مثمرة طيبة الثمر وشجرة التين والعنب والرمان، وعن ابن عباس: هي شجرة في الجنة { أصلها ثابت } في الأرض { وفرعها } ثابت { في السماء } ، وقيل: معناه في جهة العلو والصعود { تؤتي أكلها } مأكولها { كل حين } ، قيل: ستة أشهر إلى صرام النخلة يعني تعطي ثمرها كل وقت وقته الله تعالى لإثمارها { بإذن ربها } وخالقها، وقيل: بأمره، وقيل: كل حين كل ساعة ليلا ونهارا كذلك المؤمن يطيع الله كل حين، وقيل: يؤكل من النخلة الطلع والبسر والرطب والتمر وهو دائم لا ينقطع كذلك أعمال المؤمن تصعد في كل وقت، فشبه كله الدين في ثباتها بالأدلة التي لا فساد فيها بقرار الشجرة التي أصلها على نهاية الثبات، وشبه ما يحصل من الرفعة في الدين والظهور بفروعها في السماء وشبه ما يحصل من الثواب الدائم بثمرة هذه الشجرة رواه الحاكم، قوله تعالى: { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة } أراد كلمة الشرك، وقيل: كلمة قبيحة، فأما الشجرة الخبيثة فكل ثمرة لا يطيب ثمره كشجرة الحنظل والكشوث وهو أنه لا قرار لها في الأرض وهي شجرة في الماء لا عروق لها تميل مع الرياح { يثبت الله الذين آمنوا } أنهم إذا فتنوا في دينهم لم يزالوا كما يثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود الذين نشروا بالمناشير { بالقول الثابت في الحياة الدنيا } قيل: هي الكلمة الطيبة والتوحيد، وقيل: قول لا إله إلا الله { وفي الآخرة } في القبر، وقيل: معناه الثبات عند سؤال القبر، وعن البراء ابن عازب (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر قبض روح المؤمن فقال:

" ثم يعود روحه في جسده، فيأتياه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولون له: من ربك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله وديني الاسلام ونبيي محمد فينادى من السماء صدق عبدي "

، فذلك قوله: { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } { ويضل الله الظالمين } الذين لم يتمسكوا بحججه في دينهم، وقيل: يضل يعاقب { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا } الآية نزلت في كفار أهل بدر عن علي (عليه السلام) وابن عباس، وقيل: نزلت في القادة من أهل مكة أنعم الله عليهم بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكفروا به، وقيل: في أبي جهل وأصحابه.

[14.28-36]

وقوله: { ألم تر } ألم تعلم { إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا } جعلوا بدل شكر نعمه الكفر به فكأنهم بدلوا، وقيل: أتاهم المال ليصرفوه في سبيل الخير فصرفوه في معاصي الله تعالى فكأنهم بدلوا، وقيل: أنعم الله عليهم بالرسول والقرآن فاختاروا الكفر، وقوله تعالى: { وأحلوا قومهم دار البوار } معناه دار الهلاك وهو جهنم، وقيل: دعوهم إلى محاربة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى قتلوا فهلكوا ببدر { وجعلوا لله أندادا } أضدادا، قيل: شركاء يعبدونهم، وهي الأوثان { ليضلوا عن سبيله } لو كان عاقبتهم الضلال عن دين الله، قيل: السورة مكية إلا هاتين { ألم تر إلى الذين بدلوا } إلى { القرار } ، وقيل: نزلا في أهل بيت بالمدينة { قل تمتعوا } وعيد لهم وتهديد { فإن مصيركم إلى النار } { قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } يديمونها على الوجه المشروع وهي الصلوات الخمس { وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية } ، قيل: أراد به الزكاة المفروضة { من قبل أن يأتي يوم } يوم القيامة { لا بيع فيه } أي لا يباع فيه بمبايعة يعني لا فدا سل منه والمراد بالبيع إعطاء البدل ليخلص من النار { ولا خلال } جمع خلة، والخلة: المودة الخالصة، والخليل: الخالص المودة { الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماءا فأخرج به من الثمرات } يدخل فيه الزروع والحبوب والأشجار { وسخر لكم الفلك } السفن { لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار } في كل بلد، وكذلك { سخر لكم الشمس والقمر } في سيرهما { دائبين } يجريان على وجه يتم به طلب المنافع { وسخر لكم الليل والنهار } فيتعاقبان ليتم به النعم { وآتاكم من كل ما سألتموه } من للتبعيض أي آتاكم بعض جميع ما سألتموه نظرا في مصالحكم { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } ولا تطيقون عدتها لكثرتها، ولأن منها ما نعلم ومنها ما لا نعلم { إن الإنسان لظلوم } لنفسه بما كفر من نعم ربه واستوجب العقاب { وإذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد } يعني مكة، وقيل: لما فرغ من بناء الكعبة دعا بهذا الدعاء { آمنا } قيل: يجعل مكة آمنة من الحروب، وقيل: ذا أمن زاده أمنا وكفاه كل باغ ظالم { واجنبني } اصرف ذلك عني { وبني أن نعبد الأصنام } ، قيل: كان قومه عباد أصنام فخاف على ولده { رب انهن أضللن } فأضاف الضلال اليهن لأنهن السبب في الضلال { فمن تبعني فإنه مني } أي حاله كحالي أي على ديني { ومن عصاني فإنك غفور رحيم } يغفر له ما سلف منه إذا استحدث الطاعة، وقيل: من عصاني فيما دون الشرك.

[14.37-43]

{ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد } بوادي مكة { غير ذي زرع } لأنه لم يكن فيها يومئذ لا زرع ولا ضرع { عند بيتك } إضافة اليه لأنه مالكه ولا يملكه أحد سواه، وقوله: { المحرم } لأن الله تعالى حرم التعرض له والتهاون به وجعل ما حوله حرما بمكانه أو لأنه حرم على الطوفان أي منع منه { فاجعل أفئدة من الناس } من للتبعيض، ويدل عليه ما روي عن مجاهد: لو قال أفئدة الناس لزاحمتكم عليه فارس والروم { تهوي اليهم } تسرع اليهم، وقيل: تهوي إلى الحج والعمرة مع سكانهم واديا ما فيه منها باب يجلب اليهم من البلاد { لعلهم يشكرون } النعمة في أن يرزقوا أنواع الثمرات، فأجاب الله دعوته فجعله حرما آمنا تجبى اليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنه { ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء } الذي هو عالم الغيب من شيء في كل مكان { الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق } يعني فأنا كبير، وروي أن إسماعيل ولد له وهو ابن تسع وتسعين سنة، وولد إسحاق وهو ابن مائة واثني عشر سنة، وقد روي أنه ولد له إسماعيل وهو لأربع وستين، وإسحاق لتسعين، وعن سعيد بن جبير: لم يولد لإبراهيم إلا بعد مائة وسبع عشرة سنة. { إن ربي لسميع الدعاء } قابله ومجيبه عن ابن عباس كقوله سمع الله لمن حمده، { ربنا وتقبل دعاء } أي أجب، وقيل: تقبل عملي وعبادتي { ربنا اغفر لي ولوالدي } قيل: أراد أبويه وأمه كان وعده أن يسلم فلما مات على الكفر تبرأ منه، وقيل: أراد آدم وحوى، وقرئ في الشواذ ولدي يعني اسماعيل وإسحاق، وروي أن اسماعيل ولد ولإبراهيم بضع وثمانين سنة، وولد إسحاق وله مائة وفرض الختان يوم ولد إسحاق، واختتن ابراهيم وإسماعيل وإسحاق، وكان لسارة يوم ولد إسحاق ثلاث وتسعين سنة، ولما ولدت هاجر اسماعيل وكانت أمه لسارة وهبتها من إبراهيم فنقلها إلى مكة ولا زرع ولا ضرع ولا أحد وأراد أن يرجع قالت: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله، قلت: نعم حسبنا الله، ثم دعا بما حكى الله عنه { ربنا إني أسكنت من ذريتي } ، وقيل: قالت: الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: فإذا لا يضيعنا، قال: فلما عطشت وقل لبنها وعطش الصبي انتهت به إلى موضع رمل فضرب بقدمه ففارت عينا، وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:

" رحم الله أم إسماعيل، لولا أنها عجلت لكان زمزم عينا "

ثم نزل بها جرهم، وأما ما ذكر أنه نقلهما إلى ذلك المكان بأمر امرأته فلو كان كذلك لنقلهما إلى بعض أطراف الشام ولأن عظيم منزلته لا يجوز أن يضعهما بأرض مضيعة، وقد روي أنه قال: الله تعالى أمرني بهذا، روي الخبر في الحاكم، قوله تعالى: { ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون } يعني لا تظن أن الله ساهيا عما يعمل الظالمون وهذا تهديد لهم { إنما يؤخرهم ليوم } يعني يؤخر عقوبتهم إلى يوم هذه صفته إلى يوم القيامة، وقيل: يوم الحشر من القبور { تشخص فيه الأبصار } وشخوص البصر لا يصرفون أبصارهم يمينا وشمالا وعينهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك الأجفان { مهطعين } مسرعين { مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم } لا يرجع اليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم { وأفئدتهم هواء } يعني قلوبهم خالية من كل شيء فزعا وخرما، وقيل: نزعت أفئدتهم.

[14.44-52]

Página desconocida