{ إلا الذين تابوا } منهم ورجعوا { من بعد ذلك } الرمي والافتراء { وأصلحوا } ما أفسدوا على نفوسهم بالتوبة والندامة عن ظهر القلب { فإن الله } المطلع لضمائرهم { غفور } يعفو عنهم ويستر زلتهم { رحيم } [النور: 5] يرحمهم، ويقبل توبتهم إن أخلصوا فيها.
[24.6-10]
{ والذين يرمون أزواجهم } بالزنا { ولم يكن لهم شهدآء } حضراء عندهم { إلا أنفسهم } أي: غير أنفسهم { فشهادة أحدهم } صارت وتقاوت { أربع شهادات } في إسقاط حد القذف عنهم منزلة أربع شهادات مؤديات { بالله } متعلقات بهذا المدعى، وهي { إنه } أي: الزوج المدعي { لمن الصادقين } [النور: 6] في دعوى الزنا بلا افتراء منه ومراء.
{ والخامسة } أي: بعدما أدى الأربعة أتى بالهشدة الخامسة لها، المؤكدة المقيدة بلعنة الله تغليظا بأن قال هكذا: { أن لعنت الله عليه } أي: طرده وتبعيده عن ساحة عز حضوره وسعة رحمته { إن كان من الكاذبين } [النور: 7] في هذا الدعوى.
وبعد أداء الشهادات الأربع المؤكد بالخامسة، فقد سقط عنه حد القذف، وثبت حد الزنا على المرأة، ووقع التفريق المؤبدد بينهما بالفسخ أو بالطلاق على اختلاف الرأييين، ونفي الولد إن تعرض له فيه.
{ ويدرؤا عنها العذاب } أي: يسقط عن المرأة حد الزنا بعد { أن تشهد أربع شهادات } مؤديات { بالله } متعلقات بقولها: { إنه } أي: الزوج { لمن الكاذبين } [النور: 8] المفترين فيما رماني به وأنا بريئة عنه، { والخامسة } أي: أكدت الأربعة بالخامسة أيضا قائلة: { عليهآ إن كان } وقهره وتبعيده عن سعة رحمته { أن غضب الله } زوجها { من الصادقين } [النور: 9] في هذا الرمي الشنيع.
وبعدما أدتها على وجهها سقط الحد عنها، ووقع التفريق المؤبد، لقوله صلى الله عليه وسلم:
" المتلاعنان لا يجتمعان أبدا ".
ثم قال سبحانه: { ولولا فضل الله } المطلع بجميع سرائر عباده { عليكم } أيها المجترئون بالحلف الكاذب والشهادات الباطلة، وتحمل لغنة الله وغضبه { ورحمته } أي: مرحمته وشفقته بالستر، والإخفاء عليكم لفضحكم، وأظهرا شنعتكم ألبتة، ولكنه أمهلكم وستر عليكم رجاء أن تتوبوا عن هتك محارم الله، والخروج عن مقتضى حدوده { و } اعلموا أيها المؤمنون { أن الله } المصلح لأحوالكم { تواب } لكم يوفقكم على التوبة { حكيم } [النور: 10] في جميع أفعاله، لا يعاجلكم بالعقوبة، كي تنتبهوا عن قبح صنيعكم، وترجعوا عن سوء فعالكم؛ لتفوزوا إلى ما جبلتم لأجله.
[24.11-18]
Página desconocida