قال له عمر رضي الله عنه: لو فعلت حتى تنظر ماذا يصيرون، فقبل صلى الله عليه وسلم.
قالوا: فاكتب بذلك كتابا، فدعا بالصحيفة وبعلي ليكتب فنزلت "
[6.53-56]
{ وكذلك فتنا بعضهم ببعض } أي: مثلما فتنا بعض الناس ببعض في الأمور المتعلقة بمعاش الدنيا من المال والجاه والرئاسة، فتناهم في أمور دنيهم أيضا { ليقولوا } من غاية استبعادهم واستحقارهم: { أهؤلاء } الضعفاء الفقراء { من الله عليهم من بيننآ } قال سبحانه توبيخا وتقريعا لهم: بل هم أولئك الفقراء الصابرون على بلاء الله، الشاكرون لنعمائه { أليس الله } العالم بضمائر عباده { بأعلم بالشكرين } [الأنعام: 53] الصابرين منهم ومنكم أيها لشرفاء الكافرون لنعمه.
{ وإذا جآءك } يا أكمل الرسل { الذين يؤمنون بآياتنا } ويتمثلون بها بالغداة والعشي وهم يريدون وجهنا { فقل } لهم قبل تسليمهم: { سلم عليكم } أيها المقبولون عند الله الراضون المرضيون وبشرهم بأنه { كتب } أي: قضى وحبب { ربكم } لأجلكم { على نفسه الرحمة } الشفقة والرحمة إلى حيث { أنه من عمل منكم سوءا } به يسيء نفسه عند الله صادرا عنه { بجهلة } لا عند قصد وإصرار { ثم } بعدما علم وخامة عاقبته { تاب من بعده } واستغفر ربه { وأصلح } بالتوبة ما أفسد بالجهالة { فأنه غفور } يستر تلك المعصية عنكم { رحيم } [الأنعام: 54] يقبل توبتكم بسبب إخلاصكم.
{ وكذلك نفصل } ونوضح { الآيات } ليظهر طريق التوحيد { ولتستبين } ويتميز { سبيل المجرمين } [الأنعام: 55] المنحرفين عن منهج الرشاد ومسلك السداد عن طريق أهل الحق.
{ قل } يا أكمل الرسل للمشركين الذي يعبدون آلهة غير الله: { إني نهيت } زجرت وصرفت بالدلائل القاطعة الدالة على توحيد الحق، وبالكشوف والمشاهدات الواردة من عنده سبحانه، الصارفة عن الميل والتوجه إلى الغير والسوى مطلقا { أن أعبد الذين تدعون } وتسمون { من دون الله } آلهة باطلة بأهويتكم الفاسدة { قل لا أتبع أهوآءكم } التي اخترعتموها من تلقاء أنفسكم، وإن ابتعت بمتابعتكم تلك التماثيل العاطلة { قد ضللت إذا و } بعدما ظللت { مآ أنا من المهتدين } [الأنعام: 56] أصلا؛ أي: في شيء من الهداية كمثلكم.
[6.57-59]
{ قل إني على بينة } واضحة { من } معرفة { ربي } وتوحيده { وكذبتم به } وبتوحيده، وأشركتم له غيره واستوجبتم العقوبة العظيمة يشرككم، ومع ذلك استهزأتم باستعجال العذاب { ما عندي ما تستعجلون به } من العذاب والنكال { إن الحكم إلا لله } أي: ما الحكم إلا له باستعجال العذاب { يقص الحق } أي: يقضي فيه ويدمغ الباطل { وهو خير الفصلين } [الأنعام: 57] الحاكمين في الوقائع.
{ قل لو أن عندي } وتحت قدرتي ومكنتي { ما تستعجلون به } من نزول العذاب والعقاب { لقضي الأمر } أي: لأهلككم بالمرة وارتفع النزاع { بيني وبينكم } ولكن ليس لي هذه القدرة والمكنة { والله } المطلع لسرائر عباده { أعلم بالظالمين } [الأنعام: 58] المستوجين للعذاب والنكال بأخذهم بظلمهم تعقلت إرادته.
Página desconocida