47

Tafsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Investigador

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Editorial

دار طيبة للنشر والتوزيع

Número de edición

الرابعة

Año de publicación

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

الْعُمْرَانُ فِي الْخَرَابِ إِلَّا كَفُسْطَاطٍ فِي صَحْرَاءَ. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لَا يُحْصِي عَدَدَ الْعَالَمِينَ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ" (٣١-الْمُدَّثِّرِ) . قَوْلُهُ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قَرَأَ عَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ ﴿مَالِكِ﴾ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ ﴿مَلِكِ﴾ قَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ مِثْلَ فَرِهِينَ وَفَارِهِينَ، وَحَذِرِينَ وَحَاذِرِينَ وَمَعْنَاهُمَا الرَّبُّ يُقَالُ رَبُّ الدَّارِ وَمَالِكُهَا. وَقِيلَ الْمَالِكُ وَالْمَلِكُ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى اخْتِرَاعِ الْأَعْيَانِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَالِكٌ أَجْمَعُ وَأَوْسَعُ لِأَنَّهُ يُقَالُ مَالِكُ الْعَبْدِ وَالطَّيْرِ وَالدَّوَابِّ وَلَا يُقَالُ مَلِكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَلِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَالِكًا لِشَيْءٍ إِلَّا وَهُوَ يَمْلِكُهُ، وَقَدْ يَكُونُ مَلِكَ الشَّيْءَ وَلَا يَمْلِكُهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: مَلِكُ أَوْلَى لِأَنَّ كل ملك مَلِكٍ وَلَيْسَ كُلُّ مَالِكٍ مَلِكًا وَلِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِسَائِرِ الْقُرْآنِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ" (١١٤-طه) "الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ" (٢٣-الْحَشْرِ) قَالَ مُجَاهِدٌ: الدِّينُ الْحِسَابُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" (٣٦-التَّوْبَةِ) أَيِ الْحِسَابُ الْمُسْتَقِيمُ وَ"مَلِكِ النَّاسِ" (سُورَةُ النَّاسِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ وَالسُّدِّيُّ: مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَاضِي يَوْمِ الْحِسَابِ وَقَالَ قَتَادَةُ: الدِّينُ الْجَزَاءُ. وَيَقَعُ عَلَى الْجَزَاءِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ جَمِيعًا يُقَالُ: كَمَا تَدِينُ تُدَانُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: مَلِكُ يَوْمٍ لَا يَنْفَعُ فِيهِ إِلَّا الدِّينُ، وَقَالَ يَمَانُ بْنُ (رَبَابٍ) (١) الدِّينُ الْقَهْرُ. يُقَالُ دِنْتُهُ فَدَانَ أَيْ قَهَرَتْهُ فَذَلَّ. وَقِيلَ: الدِّينُ الطَّاعَةُ أَيْ يَوْمَ الطَّاعَةِ. وَإِنَّمَا خَصَّ يَوْمَ الدِّينِ بِالذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهِ مَالِكًا لِلْأَيَّامِ كُلِّهَا لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ يَوْمَئِذٍ زَائِلَةٌ فَلَا مُلْكَ وَلَا أَمْرَ إِلَّا لَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ" (٢٦-الْفُرْقَانِ) وَقَالَ: "لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" (١٦-غَافِرٍ) وَقَالَ: "وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ" (١٩-الِانْفِطَارِ) وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: ﴿الرَّحِيمِ مَلِكِ﴾ بِإِدْغَامِ الْمِيمِ فِي الْمِيمِ وَكَذَلِكَ يُدْغِمُ كُلَّ حَرْفَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ أَوْ قَرِيبَيِ الْمَخْرَجِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَرْفُ سَاكِنًا أَوْ مُتَحَرِّكًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ مُشَدَّدًا أَوْ مُنَوَّنًا أَوْ مَنْقُوصًا أَوْ مَفْتُوحًا أَوْ تَاءَ الْخِطَابِ قَبْلَهُ سَاكِنٌ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُدْغِمُهُمَا، وَإِدْغَامُ الْمُتَحَرِّكِ يَكُونُ فِي الْإِدْغَامِ الْكَبِيرِ وَافَقَهُ حَمْزَةُ فِي إِدْغَامِ الْمُتَحَرِّكِ فِي قَوْلِهِ "بَيَّتَ طَائِفَةٌ" (٨١-النِّسَاءِ) "وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا" (١-٣ الصَّافَّاتِ) "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا" (١-الذَّارِيَاتِ) أَدْغَمَ التَّاءَ فِيمَا بَعْدَهَا مِنَ الْحُرُوفِ، وَافَقَهُ الْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ فِي إِدْغَامِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ إِدْغَامُ السَّاكِنِ فِي الْمُتَحَرِّكِ إِلَّا فِي الرَّاءِ عِنْدَ اللَّامِ وَالدَّالِ عِنْدَ الْجِيمِ وَكَذَلِكَ لَا يُدْغِمُ حَمْزَةُ -وَبِرِوَايَةِ خَلَّادٍ وَخَلَفٍ-الدَّالَ عِنْدَ السِّينِ وَالصَّادِ وَالزَّايِ، وَلَا إِدْغَامَ لِسَائِرِ الْقُرَّاءِ إِلَّا فِي أَحْرُفٍ مَعْدُودَةٍ. قَوْلُهُ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ "إِيَّا" كَلِمَةُ ضَمِيرٍ خُصَّتْ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمُضْمَرِ وَيُسْتَعْمَلُ مُقَدَّمًا عَلَى الْفِعْلِ فَيُقَالُ: إِيَّاكَ أَعْنِي، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ مُؤَخَّرًا إِلَّا مُنْفَصِلًا. فَيُقَالُ: مَا عَنَيْتُ إِلَّا إِيَّاكَ. قَوْلُهُ ﴿نَعْبُدُ﴾ أَيْ نُوَحِّدُكَ وَنُطِيعُكَ خَاضِعِينَ، وَالْعِبَادَةُ الطَّاعَةُ مَعَ التَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ وَسُمِّيَ الْعَبْدُ عَبْدًا لِذِلَّتِهِ وَانْقِيَادِهِ يُقَالُ: طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ أَيْ مُذَلَّلٌ.

(١) في ب: ريان.

1 / 53