286

Tafsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Editor

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Editorial

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edición

الرابعة

Año de publicación

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

﴿أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ لِأَنَّ التَّشْدِيدَ لِلتَّكْثِيرِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ بِنَصْبِ الْفَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ، وَقِيلَ بِإِضْمَارِ أَنْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِرَفْعِ الْفَاءِ نَسَقًا عَلَى قَوْلِهِ: يُقْرِضُ ﴿أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ قَالَ السُّدِّيُّ هَذَا التَّضْعِيفُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ ﷿، وَقِيلَ سَبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ ﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَحَمْزَةُ يَبْسُطُ، هَاهُنَا وَفِي الْأَعْرَافِ، بَسْطَةً، بِالسِّينِ كَنَظَائِرِهِمَا، وَقَرَأَهُمَا الْآخَرُونَ بِالصَّادِّ قِيلَ يَقْبِضُ بِإِمْسَاكِ الرِّزْقِ وَالنَّفْسِ وَالتَّقْتِيرِ وَيَبْسُطُ بِالتَّوْسِيعِ وَقِيلَ يَقْبِضُ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَيَبْسُطُ بِالْخَلَفِ وَالثَّوَابِ، وَقِيلَ هُوَ الْإِحْيَاءُ وَالْإِمَاتَةُ فَمَنْ أَمَاتَهُ فَقَدْ قَبَضَهُ وَمَنْ مَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ فَقَدْ بَسَطَ لَهُ، وَقِيلَ هَذَا فِي الْقُلُوبِ، لَمَّا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالصَّدَقَةِ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ إِلَّا بِتَوْفِيقِهِ، قَالَ: يَقْبِضُ بَعْضَ الْقُلُوبِ فَلَا يَنْشَطُ بِخَيْرٍ وَيَبْسُطُ بَعْضَهَا فَيُقَدِّمُ لِنَفْسِهِ خَيْرًا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ "الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا اللَّهُ كَيْفَ يَشَاءُ" (١) الْحَدِيثَ.
﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ أَيْ إِلَى اللَّهِ تَعُودُونَ فَيَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الْهَاءُ رَاجِعَةٌ إِلَى التُّرَابِ كِنَايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ، أَيْ مِنَ التُّرَابِ خَلَقَهُمْ وَإِلَيْهِ يَعُودُونَ.

(١) رواه مسلم: في القدر - باب: تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء برقم (٢٦٥٤) ٤ / ٢٠٤٥. والمصنف في شرح السنة ١ / ١٦٥.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٢٤٦)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ وَالْمَلَأُ مِنَ الْقَوْمِ: وُجُوهُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ، وَأَصْلُ الْمَلَأِ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، كَالْقَوْمِ وَالرَّهْطِ وَالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْجَيْشِ وَجَمْعُهُ أَمْلَاءٌ ﴿مِنْ بَعْدِ مُوسَى﴾ أَيْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِ مُوسَى ﴿إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ﴾ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ النَّبِيِّ فَقَالَ قَتَادَةُ هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونِ بْنِ افْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ ﵇ وَقَالَ السُّدِّيُّ: اسْمُهُ شَمْعُونُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ شَمْعُونَ، لِأَنَّ أُمَّهُ دَعَتِ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهَا غُلَامًا فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَسَمَّتْهُ سَمْعُونَ تَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَائِي وَالسِّينُ تَصِيرُ شِينًا بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَهُوَ شَمْعُونُ بْنُ صَفِيَّةَ بْنِ عَلْقَمَةَ مِنْ وَلَدِ لَاوِي بْنِ يَعْقُوبَ، وَقَالَ سَائِرُ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ إِشْمَوِيلُ وَهُوَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَالَ بْنِ عَلْقَمَةَ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ إِشْمَوِيلُ وَهُوَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ إِسْمَاعِيلُ بْنَ يَالَ بْنِ عَلْقَمَةَ.

1 / 295