Tafsir
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Editor
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Editorial
دار طيبة للنشر والتوزيع
Número de edición
الرابعة
Año de publicación
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مَا قَضَيْتَ فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ (١) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: فَإِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: فِي حَدِيثِ بَرْوَعَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَعْرَابِيٍّ مِنْ أَشْجَعَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧)﴾
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ هَذَا فِي الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ الْفَرْضِ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَفْرُوضِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ الْمَفْرُوضِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ: الْجِمَاعُ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا لَوْ خَلَا الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا إِلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَلَمْ يُوجِبِ الْعِدَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀.
وَقَالَ قَوْمٌ: يَجِبُ لَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ، وَمِثْلُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ عُمَرَ عَلَى وُجُوبِ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ إِلَيْهَا إِذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا لَا عَلَى تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ، وَقِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةٌ لِلْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ "فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ" (٤٩-الْأَحْزَابِ) فَقَدْ كَانَ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْمَسِيسِ مَتَاعٌ فَنُسِخَتْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَأَوْجَبَ لِلْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوضَ لَهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ نِصْفَ الْمَفْرُوضِ وَلَا متاع لها.
٤٠/ب وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ أَيْ سَمَّيْتُمْ لَهُنَّ مَهْرًا ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ أَيْ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ يَعْنِي النِّسَاءَ أَيْ إِلَّا أَنْ تَتْرُكَ الْمَرْأَةُ نَصِيبَهَا فَيَعُودُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إِلَى الزَّوْجِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الْوَلِيُّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵁، مَعْنَاهُ: إِلَّا أَنْ تَعْفُوَ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِ نَصِيبِهَا إِلَى
(١) رواه أبو داود في النكاح - باب: فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات ٣ / ٥١-٥٣. والترمذي: في النكاح - باب: ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يفرض لها، وقال حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح وقد روي عنه من غير وجه ٤ / ٢٩٩-٣٠١. والنسائي: في النكاح - باب: إباحة التزوج بغير صداق: ٦ / ١٢١-١٢٢. وابن ماجه: في النكاح - باب: الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت على ذلك برقم (١٨٩١) ١ / ٦٠٩. وابن حبان: برقم (١٢٦٣-١٢٦٤-١٢٦٥) ص ٣٠٨ من موارد الظمآن. والإمام أحمد في المسند: ٤ / ٢٧٩-٢٨٠ عن ابن مسعود. وانظر: نصب الراية ٣ / ٢٠١-٢٠٢ التلخيص الحبير ٣ / ١٩١-١٩٢. إرواء الغليل ٦ / ٣٥٧-٣٦٠.
1 / 286