185

Tafsir

تفسير الراغب الأصفهاني

Investigador

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Editorial

كلية الدعوة وأصول الدين

Ubicación del editor

جامعة أم القرى

الحي، أي الفرج، والبلاء أصله من قولهم: بلى الثوب بلى، وبلاءً، وقيل " بلوت فلان " أي أخبرته كأني أخلقته من كثرة اختباري له، ولهذا قيل: " لبست فلانًا "، أي: خبرته، وسمي الغم بلاء من حيث أنه يبلى الجسم، وسمي التكليف بلاء من أوجه، الأول: أن التكاليف كلها مشاق على الأبدان، فصارت من هذا الوجة بلاء، والثاني: أن التكاليف اختبارات، وكذلك قال: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾، قال ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾، ونحو ذلك، والثالث: أنه لما كان اختبار الله تعالى لعباد تارة بالمسار ليشكروا، وتارة بالمضار ليصبروا، صارت المنحة والمحنة جيمعًا بلاء، فالمحنة: مقتضية للصبر والمنحة: مقتضية للشكر، وكأن القيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر لما بيناه في كتاب: (شرف التصوف)، فصارت المنحة أعظم البلاء، وبهذا النظر قال أمير المؤمنين علي ﵁ وكره الله وجهه: " من وسع عليه في دنياه، ولم يعلم أنه مكر به، فهو مخذوغٌ عن عقله " والرابع: أنه رب منحة تعقب محنة، ومحنة تقضي إلى منحة، ولهذا قيل: " رب مغبوظ بنعمة هي داؤه، ومرحوم لشدة هي شفاؤه "، فإذا: من النعمة ما هو نقمة " ولكون البلاء متناولًا للأمرين، قال تعالى، ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ﴾، وقال: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾، وقالوا " في الخير والشر معًا: بلاه " فإّذا أفردا قالوا [في الخير: ابلاؤه، وفي الشر بلاه] وقال تعالى: ﴿وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا﴾، وأما قول الشاعر: جزى الله بالإحسان ما فعلابكم ... وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو

1 / 185