65

Tafsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Géneros

Exégesis

[61]

قوله عز وجل : { وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد } ؛ وذلك أنهم وحموا المن والسلوى وملوهما. قال الحسن : كانوا أناسا أهل كراش ؛ كراث ؛ وأبصال ؛ وأعداس ؛ ففزعوا إلى عكرهم عكر السوء ؛ واشتاقت طبائعهم إلى ما جرت عليه عاداتهم ؛ فقالوا : { لن نصبر على طعام واحد } يعنون به المن والسلوى. وإنما قال : { طعام واحد } وهما اثنان ؛ لأن العرب تعبر عن الاثنين بلفظ الواحد ؛ وعن الواحد بلفظ الاثنين ؛ كقوله تعالى : { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان }[الرحمن : 22] وإنما يخرج من الملح دون العذب. وقال عبدالرحمن بن يزيد : (كانوا يعجنون المن والسلوى ليصير طعاما واحدا فيأكلونه).

قوله تعالى : { فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثآئها } ، قرأ يحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف : (وقثائها) بضم القاف ، وهي لغة تميم. قوله تعالى { وفومها } ؛ قال ابن عباس : (الفوم : الخبز) تقول العرب : فومو لنا ؛ أي اخبزوا لنا. ويقال لسائر الحبوب التي تختبز : الفوم. يقول الرجل لجاريته : فومي ؛ أي اختبزي. وقال عطاء : هي الحنطة ؛ وهي لغة قديمة. وقال الكلبي : هو الثوم. قال حسان : وأنتم أناس لئام الأصول طعامكم الفوم والحوقليريد : الثوم والبصل. والعرب تعاقب بين الفاء والثاء. فتقول للحقير : حدث وحدف ؛ ودليل هذا التأويل أنها في مصحف عبدالله : (وثومها) بالثاء.

قوله تعالى : { وعدسها وبصلها } ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالعدس فإنه مبارك مقدس ؛ وإنه يرق القلب ويكثر الدمع ، وإنه بارك فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى عليه السلام " فقال لهم موسى : { قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير }. وفي مصحف أبي : (أتستبدلون الذي هو أدنى) أي أخس وأردى (بالذي هو خير) يعني المن والسلوى. وقوله تعالى : { اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم } ؛ معناه إن أبيتم إلا ذلك فاهبطوا مصرا من الأمصار ؛ ولو أراد مصرا بعينها لم يصرفه كقوله تعالى : { ادخلوا مصر إن شآء الله آمنين }[يوسف : 99]. وقال الضحاك : (هي مصر موسى وفرعون). ودليل هذا القول قراءة الحسن وطلحة : (مصر) بغير تنوين جعلاها معرفة ؛ فاجتمع فيها التعريف والتأنيث من حيث أراد البقعة فلم ينصرف.

قوله تعالى : { وضربت عليهم الذلة } ؛ أي الذل والهوان بالجزية ، { والمسكنة } ؛ أي زي الفقر فتراهم كأنهم فقراء وإن كانوا مياسير. وقيل : فقراء القبل فلا يرى في أهل الملل أذل ولا أحرص على المال من اليهود. قوله تعالى : { وبآءو بغضب من الله } ؛ أي رجعوا ؛ وقيل : استحقوا ، والباء صلة. وقيل : احتملوا واقروا به ، ومنه الدعاء المأثور : [أبوء بنعمتك علي ؛ وأبوء بذنبي]. وغضب الله عليهم : ذمه إياهم وتوعده لهم في الدنيا ، وإنزال العقوبة بهم العقبى. قوله تعالى : { ذلك } ؛ أي ذلك الغضب ؛ { بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله } ؛ أي بصفة محمد وآية الرجم في التوراة والإنجيل والفرقان.

Página 65