204

Tafsir

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

Géneros

Exégesis

قوله عز وجل : { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى } ؛ قال ابن عباس : (نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يقال له : أبو الدحداحة ، أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كيف نصنع بالنساء إذا حضن ؛ هل نقربهن أو لا ؟ فنزلت هذه الآية). فلما نزلت هذه الآية عمد المسلمون إلى النساء الحيض فأخرجوهن من لبيوت كما كانت الأعاجم تفعل بنسائهم إذا حضن ، وإذا فرغن واغتسلن ردوهن إلى البيوت ، فقدم ناس من الأعراب المدينة ، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عزل النساء عنهم ، وقالوا : يا رسول الله ، إن البرد شديد والثياب قليلة وقد عزلنا النساء ، فإن آثرناهن بالثياب هلك أهل البيت بردا ، وإذا آثرنا أهل البيت هلك النساء الحيض ، وليس كلنا يجد وسعة فيوسع عليهم جميعا ، فقال صلى الله عليه وسلم : " إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن ، ولم تؤمروا أن تخرجوهن من البيوت " وقرأ عليهم الآية.

وقال بعضهم : كانت العرب في الجاهلية إذا حاضت المرأة ، لم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يساكنوها في بيت ، ولم يجالسوها على فراش كفعل اليهود والمجوس ، فسأل أبو الدحداح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وقال : يا رسول الله ، كيف نصنع بالحيض ؟ فأنزل الله هذه الآية.

ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها آية أخرى فيما تقدم " من " حديث نكاح من تحرم ومن تحل ، فبين الله بعده حال التحليل والتحريم بهذه الآية.

وقال ابن عباس : (ما رأيت قوما كانوا خيرا من أصحاب رسول الله)

صلى الله عليه وسلم ؛ ما سألوه إلا عن ثلاثة عشر مسألة حتى قبض ، كلهن في القرآن : { يسألونك عن الشهر الحرام }[البقرة : 217]{ يسألونك ماذا ينفقون قل مآ أنفقتم }[البقرة : 215]{ ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو }[البقرة : 219]{ يسألونك عن الأهلة }[البقرة : 189]{ يسألونك عن الخمر والميسر }[البقرة : 219]{ ويسألونك عن اليتامى }[البقرة : 220]{ ويسألونك عن المحيض }[البقرة : 222]{ يسألونك عن الساعة أيان مرساها }[الأعراف : 187]{ وإذا سألك عبادي عني }[البقرة : 186]{ يسألونك عن الأنفال }[الأنفال : 1]{ ويسألونك عن الروح }[الإسراء : 85]{ ويسألونك عن ذي القرنين }[الكهف : 83]{ ويسألونك عن الجبال }[طه : 105]).

ومعنى الآية : { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى } أي الدم مستقذر نجس ، وقال الكلبي : (الأذى ما يعم ويكره من كل شيء).

قوله تعالى : { فاعتزلوا النسآء في المحيض } ؛ أي اعتزلوا مجامعتهن وهن حيض ، { ولا تقربوهن حتى يطهرن } ؛ أي ولا تجامعوهن حتى ينقطع عنهن الدم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من وطئ امرأته وهي حائض فقضي بينهما ولد فأصابه جذام فلا يلومن إلا نفسه ؛ ومن احتجم يوم السبت أو الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه ".

فوطئ النساء الحيض حرام بنص القرآن ، فإن وطأها زوجها أثم ولزمته الكفارة ، روي عن ابن عباس :

Página 204