قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب طبقات المكلفين لما ذكر رؤوس الكفار الذين صدوا عن سبيل الله وأن عذابهم مضاعف، ثم قال: الطبقة السابعة عشرة طبقة المقلدين وجهال الكفر وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبع، يقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة ولنا أسوة بهم ومع هذا فهم مسالمون لأهل الإسلام غير محاربين لهم كنساء المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لما نصب له أولئك أنفسهم من السعي في إطفاء نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته بل هم بمنزلة الدواب، وقد اتفقت الأمة على هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعون ولا من بعدهم، وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما مولود إلا وهو يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" فأخبر أن أبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهودية أو النصرانية أو المجوسية ولم يعتبر في ذلك غير المربى والمنشأ على ما عليه الأبوان وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة " وهذا المقلد ليس بمسلم وهو عاقل مكلف والعاقل لا يخرج عن الإسلام أو الكفر، وأما من لم تبلغ الدعوة فليس بمكلف في تلك الحال وهو بمنزلة الأطفال والمجانين وقد تقدم الكلام عليهم.
قلت: وهذا الصنف أعنى من لم تبلغهم الدعوة هم الذين استثناهم شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقل العراقي، واستثناهم شيخنا محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
Página 26