Pensamiento científico y desarrollos de la realidad contemporánea

Mahmud Muhammad Cali d. 1450 AH
118

Pensamiento científico y desarrollos de la realidad contemporánea

التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر

Géneros

وفي عام 1962م، قام «توماس كون

Thomas Kuhn (1922-1996م)» بنشر كتابه (بنية الثورات العلمية)، الذي خصصه لدراسة العلم في أطر جديدة تقوم على تقييم العلم من الناحية الاجتماعية؛ حيث لم يعول على القوانين المنطقية التي قدمها دعاة الوضعية المنطقية في الفلسفة؛ ليس هذا فقط بل عارض كل المواقف التقليدية في فلسفة العلم؛ فهو يقول «لقد بحثت المناقشات التقليدية للمنهج العلمي عن مجموعة من القواعد التي سوف تتيح لأي فرد يحرص على اتباعها أن يصل إلى معرفة صحيحة. وقد حاولت - بدلا عن ذلك - التأكيد على أنه بالرغم من أن العلم يمارسه أفراد، إلا أن المعرفة العلمية في حقيقتها نتاج جماعة. ولن تفهم فعاليتها المميزة ولا الأسلوب الذي تتطور به دون الإشارة إلى الطبيعة الخاصة بالجماعات التي تنتجها.»

30

وهذا البعد السوسيولوجي الذي حاول كون إدخاله في فلسفة العلم، جعله ينظر للنزعة الموضوعية في العلم في إطار القيم المشتركة للمجتمع العلمي. وهذه القيم ليست محددة ويختلف تطبيقها من فرد لآخر؛ حيث لا وجود لمشاهدة صرفة محايدة، بل النموذج القياسي الإرشادي العلمي هو الذي يجعل العلماء يرون الواقع بشكل خاص دون غيره. وعليه فإن النموذج الذي يختاره العالم هو الذي يجعله يعتقد أن بعض الأمور المشاهدة مهمة وأساسية وغيرها فرعي لا أهمية له؛ وبالتالي عندما تكون المعايير المتبناة للموضوعية تابعة للنموذج، عندها سوف لن يكون هناك أي معيار موضوعي وغير ذاتي لتقييم المعرفة. ومع أننا نستطيع الموازنة بين النظريات ضمن نموذج واحد، إلا أن تقييم النماذج والحكم على موضوعيتها أمر لا يمكن نيله والوصول إليه.

ويشرح كون هذا بقوله: «إننا لا نعتقد أنه لا توجد قواعد لاستقراء النظريات الصحيحة من الوقائع، كما أننا لا نعتقد حتى إن النظريات - سواء أكانت صحيحة أم لا - يتم استقراؤها على الإطلاق. وبدلا عن ذلك، فإننا نرى هذه النظريات بوصفها تخمينات مبدئية يتم ابتكارها ككل من أجل التطبيق على الطبيعة ... ومن ثم فلن يتم - من منظورنا - ارتكاب خطأ عند الوصول إلى النظام البطلمي؛ ولذا من العسير أن أفهم ماذا يقصد سير كارل (يقصد هنا كارل بوبر ) عندما يطلق على هذا النظام بأنه خطأ.»

31

إن هذا النص يبين أن العلم تحت النموذج القياسي الجديد لا يخضع لأية معايير تجريبية، كدرجة التأييد أو افتراض استقرائي ولا عن طريق التعزيز، وإنما يخضع هذا القبول لمعيار ذاتي اجتماعي؛ أي لا بد أن يكون هناك إجماع بين العلماء وتعلق بهذا النموذج القياسي الجديد.

وإذا انتقلنا إلى «بول كارل فييرآبند»

Feyerabend (1924-1994م)، نجد أنه قد تناول في فلسفته العلمية مشكلة الصدق والحقيقة الموضوعيين بالمناقشة والنقد؛ فليس ثمة صدق موضوعي أو حقيقة موضوعية في العلم؛ حيث إن الصدق نسبي من منطقة إلى أخرى، ومن مكان إلى مكان، ومن شخص إلى شخص. ويهتم فييرآبند بالنسبوية الإبستمولوجية التي تنكر أن تكون ثمة أفكار جديدة أو أشكال معرفية جديدة تفرض نفوذها على التقاليد الأخرى، وتثبت أن هناك تقليدا واحدا هو الصحيح بحجة أنه موضوعي؛ ولهذا فإن فكرة الصدق الموضوعي أو الحقيقة الموضوعية، وإن كانت مستقلة عن الرغبات الإنسانية، إلا أنه يتم اكتشافها عن طريق التأثير الإنساني. بالإضافة إلى أن النظريات العلمية تتفرع إلى اتجاهات مختلفة وتستخدم تصورات مختلفة وأحيانا غير قابلة للقياس، فأي من هذه المضامين المتعددة يوصف على أنه دليل على موضوعية نظرية ما؟ وأي منها يوصف على أنه إجراء علمي موضوعي مناسب لها؟ إن الإجابة: لا يوجد. فكل هذا يعتمد على الاتجاهات والحجج التي تتغير من وقت لآخر ومن جماعة بحث إلى جماعة بحث أخرى لاحقة لها.

32

Página desconocida