ان التجار أعز جانبا من اتباع السلطان واسلم دينا واطيب طعاما واهنأ عيشا وآمن نفسا واودع بالا. انهم احرار في تصرفاتهم، لا يستجدون احدا ولا يحتاجون لغيرهم، بل يحتاج اليهم الناس، ولا يعانون الذلة في مكاسبهم وهم يحصلون الارباح الوفيرة ويملكون الثروات الطائلة.
اما اتباع السلطان فلباسهم الذلة، وشعارهم الملق، وهم في خوف دائم من تغير الدول، او سطوة الرئيس وتنكيله؛ معرضون دائما للازمات والمحن.
والدليل على شرف التجارة ان النبي كان تاجرا، وقبيلته اشتهرت بالتجارة حتى اشتق اسمها من القرش والتقريش.
ويرفض الجاحظ الدعوى القائلة ان التجارة تصد عن العلم والأدب، ويقول ان تجارا كبارا نبغوا بالعلم والفقه، يذكر منهم سعيد بن المسيب الذي يقول ان النبي وابا بكر وعمر وعثمان وعليا لم يقضوا قضاء الا علمه. وكان الى ذلك نسابا وعالما باخبار الجاهلية والاسلام.
كما يذكر منهم محمد بن سيرين الفقيه الورع، ومسلم بن يسار العالم العابد (١٠٠ هـ-) وأيوب السختياني البصري المحدث (٦٦- ١٢٥ هـ-) ويونس إبن عبيد (١٣٩ هـ-) .
1 / 40