ولا يضيع شيئًا من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل إلا بقدر الضرورة من أكل أو شرب أو نوم أو استراحة لملل أو أداء حق زوجة أو زائر، أو تحصيل قوت وغيره مما يحتاج إليه أو لألم أو غيره مما يتعذر معه الاشتغال فإن بقية عمر المؤمن لا قيمة له ومن استوى يوماه فهو مغبون وكان بعضهم لا يترك الاشتغال لعروض مرض خفيف أو ألم لطيف بل كان يستشفى بالعلم ويشغل بقدر الإمكان كما قيل:
إذا مرضنا تداوينا بذكركم ... ونترك الذكر إخلالًا فننتكس
وذلك لأن درجة العلم درجة وراثة الأنبياء، ولا تنال المعالي إلا بشق الأنفس، وفي صحيح مسلم عن يحيى بن أبي كثير، قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم، وفي الحديث: "حفت الجنة بالمكاره".
تريدين إدراك المعالي رخيصة ... ولابد دون الشهد من إِبَرِ النحل
وكما قيل:
لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله ... لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وقال الشافعي ﵁: حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراك علمه نصًا واستنباطًا والرغبة إلى
1 / 27