175

Tadhkirat Rashid

تذكرة الراشد برد تبصرة الناقد

وأما الإتيان بقول الغير على وجه لا يظهر منه أنه قول الغير، لا صريحا، ولا ضمنا، ولا كناية، ولا إشارة، فهو اقتباس(1).

وبين أنه يفهم من ملاحظة هاتين العبارتين: أن الإظهار المعتبر في النقل أعم من أن يكون صريحا، أو ضمنا، أو كناية، أو إشارة، بمعنى أنه يوجد بوجود فرد واحد... الخ.

وهذا كله لا تخفى سخافته؛ فإن إظهار أنه قول الغير في النقل، وإن كان أعم من أن يكون صراحة أو إشارة، أو كناية، أو دلالة، لكن أخذه من الغير في نفس الأمر فقط لا يكفي لكونه نقلا قط.

والموجود في ما ذكرت هو هذا لا ذاك؛ فإنه لا يفهم من كلامك عند ذكر تواريخ المواليد والوفيات، وتراجم الثقات، أنك ناقل من غيرك، وإن كان في نفس الأمر، كذلك ومن ادعى ذلك فليبين أن أي كلمة من كلماتك، وأي قرينة حالية، أو مقالية تدل على ذلك، ولو إشارة، أو كناية.

فإن قلت: يدل عليه أني لم أدرك زمان من ذكرت أحوالهم، فلا أذكر ما أذكر، إلا نقلا ممن سبقني وكتب أحوالهم.

قلت: لو كفت هذه الدلالة للنقل لزم أن يكون الإيراد على المتأخر، وإن كتب الأمر المهمل غير جائز مطلقا، ولا يطلب منه المناظر شيئا سوى تصحيح النقل، مثلا:

إن كتب أحد ممن عاصرنا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه مات في المئة التاسعة.

أو أن أنس بن مالك رضي الله عنه مات في المئة العاشرة.

أو أن عمر بن الخطاب ولد في زمان نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام.

أو أن رسولنا صلى الله عليه وسلم أدرك زمان الخليل عليه الصلاة والسلام.

أو نحو ذلك من الجهالات والبطالات.

Página 197