172

Tadhkirat Rashid

تذكرة الراشد برد تبصرة الناقد

وأما خامسا: فلأن نقل الأقوال المختلفة عبارة عن: أن يذكر في أمر قولا، ثم بلفظ: قيل، أو يقال، أو ما ينوب منابهما قولا.

وهكذا عادة المؤلفين في نقل الاختلاف عند عدم ظهور الترجيح المتين، فإنهم يذكرون عند ذكر أمر مختلف فيه أقوالا مختلفة، ويسردون الآراء المتشتة، فإن ظهر عندهم ترجيح أحد الأقوال صرحوا به، وإلا اكتفوا به، وهذا هو الموجود في الأمثلة التي سردها ناصرك المختفي قدر ثمانية أوراق، وهذا أمر جائز بالوفاق لا يختلف فيه أحد من أهل الإتفاق.

وأما إذا ذكر أحد المؤلفين في أمر قولا في موضع، وآخر في موضع، وثالثا في موضع، ورابعا في موضع، من غير أن ينسبه إلى اختلاف أقوال الماضين، فهذا ليس نقل الاختلاف عند الماهرين، بل يعد هذا من صنائع الغافلين، ويطعن صاحبه بأنه من المغفلين والمتروكين.

وأي فاضل حكم بجواز مثل هذه الطريقة؟

وأي عاقل استحسن هذه الشريعة؟

بل الحكم بجواز مثل هذا بدعة سيئة، وخصلة قبيحة، والموجود في تصانيفك هو هذا ،لا ذلك.

فما مهد ناصرك لبراءتك لا يفيد النجاة من ذلك، لله در الشاعر الباهر حيث قال:

إذا انعكس الزمان على لبيب

يحسن رأيه ما كان قبحا

يعاني كل أمر ليس يغني

ويفسد ما رآه الناس صلحا

ثم قال ناصرك:

المقدمة الثالثة: إن النقل وإن كان لا بد فيه من إظهار أنه قول الغير، ولكن هذا الإظهار أعم من أن يكون صريحا، أو ضمنا، أو كناية، أو إشارة، والدال عليه سبعة أمور.

Página 194