فصل في عقر الجمل
قال سيف بن عمر: لما انهزم الناس اطافت بالجمل مضر وكان زمامه بيد كعب بن سور قاضي البصرة وكان قد اعتزل الناس لما وصلت عائشة الى البصرة وجلس في بيت وطين عليه بابه فقيل لعائشة انه لا يستقيم لكم الامر إلا بكعب بن سور فجاءت بنفسها اليه واخرجته فلما كان اليوم الثالث قالت له يا كعب خل عن زمام الجمل وتقدم إليهم بكتاب الله فادعهم اليه وناولته مصحفا فتقدم به فقتلته السبأية مخافة ان يقع الصلح بين الفريقين فيهلكوا ولما قتلوا كعبا عقروا الجمل ورموا عائشة من الهودج فجعلت تنادي يا بني البقية البقية اذكروا الله وهم لا يلتفتون اليها.
وكان القتال يوم الخميس في جمادي الأولى من سحر الى الظهر وما شوهدت واقعة مثلها لا قبلها ولا بعدها فني فيها الكماة من فرسان مضر وكان لا يأخذ زمام الجمل إلا المعروف بالشجاعة فحمل الأشتر النخعي في جماعة من الفرسان وزمام الجمل بيد زفر بن الحرث فجرحوه وعقر الجمل عقره رجل يقال له دلجه وقتل عليه سبعون رجلا من بني ضبة وقيل ان عبد الله بن الزبير آخر من أخذ بخطامه فصاحت عائشة، واثكل اسماء فجرح فالقى نفسه بين الجرحى ولما وقع الجمل جاء محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر فاحتملا الهودج فأدخل محمد بن أبي بكر يده فيه فقالت عائشة من هذا؟ فقال محمد أخوك البار فقالت مذمم العاق وجاء علي (ع) وضرب عليها فسطاطا وقال استفززت الناس والبت بينهم حتى قتل بعضهم بعضا فقالت له ملكت فاسجح وفي رواية انه وقف عليها وقال يغفر الله لك فقالت ولك؛ وفي رواية انه ضرب هودجها بالقضيب وقال يا حميراء أرسول الله امرك بهذا انما امرك الله بالقرار في بيتك والله ما انصفك من أخرجك وصان حلائله فلم تتكلم كلمة.
وقال سيف: اجتمعت بنو ضبة حول الجمل فقطعت على زمامه الف يد وهم يقولون:
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل
ننعى ابن عفان باطراف الأسل
Página 74