ابن أبي طالب وكنيته أبو الحسن العسكري وانما نسب الى العسكري لأن جعفر المتوكل اشخصه من المدينة الى بغداد الى سر من رأى فاقام بها عشرين سنة وتسعة اشهر ويلقب بالمتوكل النقي وأمه سمانة مغربية.
قال علماء السير: وانما اشخصه المتوكل من مدينة رسول الله الى بغداد لأن المتوكل كان يبغض عليا وذريته فبلغه مقام علي بالمدينة وميل الناس اليه فخاف منه فدعا يحيى بن هرثمة وقال اذهب الى المدينة وانظر في حاله واشخصه الينا.
قال يحيى فذهبت الى المدينة فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله خوفا على علي وقامت الدنيا على ساق لأنه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد لم يكن عنده ميل الى الدنيا قال يحيى فجعلت اسكنهم واحلف لهم اني لم اؤمر فيه بمكروه وانه لا باس عليه ثم فتشت منزله فلم أجد فيه إلا مصاحف وادعية وكتب العلم فعظم في عيني وتوليت خدمته بنفسي واحسنت عشرته فلما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهري وكان واليا على بغداد فقال لي يا يحيى ان هذا الرجل قد ولده رسول الله والمتوكل من تعلم فان حرضته عليه قتله وكان رسول الله خصمك يوم القيامة فقلت له والله ما وقعت منه إلا على كل أمر جميل ثم صرت به الى سر من رأى فبدأت بوصيف التركي فاخبرته بوصوله فقال والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها سواك قال فعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق، فلما دخلت على المتوكل سألني عنه فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقه وورعه وزهادته واني فتشت داره فلم اجد فيها غير المصاحف وكتب العلم وان أهل المدينة خافوا عليه فاكرمه المتوكل واحسن جائزته واجزل بره وانزله معه سر من رأى.
قال يحيى بن هرثمة فاتفق مرض المتوكل بعد ذلك بمدة فنذر ان عوفي ليتصدقن بدراهم كثيرة فعوفي فسأل الفقهاء عن ذلك فلم يجد عندهم فرجا فبعث الى علي فسأله فقال يتصدق بثلاثة وثمانين دينارا فقال المتوكل من اين لك هذا؟ فقال من قوله تعالى لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين والمواطن الكثيرة هي هذه الجملة، وذلك لأن النبي (ص) غزى سبعا وعشرين غزاة وبعث خمسا وستين سرية وآخر غزواته يوم حنين فعجب المتوكل والفقهاء من هذا الجواب وبعث اليه بمال كثير فقال علي هذا الواجب فتصدق أنت بما أحببت.
Página 322