روى الترمذي في جامعه: «أن رجلًا دخل عبى النبي ﷺ، فقال: عليك السلام، فقال ﷺ: لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الميت» وليأته من تلقاء وجهه في زيارته كمخاطبته حيًا، ولو خاطبة حيًا لكان الأدب استقباله بوجهه.
فكذلك ههنا.
ثم يعتبر بمن صار تحت التراب، وانقطع عن الأهل والأحباب، بعد أن قاد الجيوش والعساكر، ونافس الأصحاب والعشائر، وجمع الأموال والذخائر، فجاءه الموت على وقت لم يحتسبه، وهول لم يرتقبه.
فليتأمل الزائر حال من مضى من إخوانه، ودرج من أقرانه، الذين بلغوا الآمال وجمعوا الأموال.
كيف انقطعت آمالهم، ولم تغن عنهم أموالهم، ومحا التراب محاسن وجوههم، وافترقت في القبور أجزاؤهم، وترمل بعدهم نساؤهم، وشمل ذل اليتم أولادهم، واقتسم غيرهم طريقهم وبلادهم.
وليتذكر ترددهم في المآرب، وحرصهم على نيل المطالب، وانخداعهم لمؤاتاة الأسباب، وركونهم إلى الصحة والشباب، وليعلم أن ميله إلى اللهو واللعب كميلهم، وغفلته عما بين يديه من الموت الفظيع والهلاك السريع كغفلتهم، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم، وليحضر بقلبه ذكر من كان مترددًا في أغراضه، وكيف تهدمت رجلاه.
وكان يتلذذ بالنظر إلى ما حوله
1 / 135