217

La Magnificación de la Condición de la Oración

تعظيم قدر الصلاة

Editor

د. عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي

Editorial

مكتبة الدار

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٦ هـ

Ubicación del editor

المدينة المنورة

ذَكَرَهَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَارِضَ خَبَرَ اللَّهِ بِالرَّدِّ، وَيَقْلِبَ وَصْفَهُ وَيُبَدِّلَهُ فَيَقُولُ: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ لَمْ تَجِلْ قُلُوبُهُمْ، وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ لَمْ تُزِدْهُمْ إِيمَانًا، وَلَا يَتَّكِلُونَ عَلَى رَبِّهِمْ، وَلَا يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَلَا يُؤْتَوْنَ الزَّكَاةَ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، فَيُبَدِّلَ وَصْفَ اللَّهِ، وَيَقْلِبَ حُكْمَهُ، فَثَبَتَتْ أَوَّلَ الْآيَةِ وَثَبَتَتْ آخِرَهَا بِالْحَقِيقَةِ لِمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَيُلْقِيَ مَا بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا مِنَ الْعَمَلِ فَيُسَمِّيَ الْمُؤْمِنَ مُؤْمِنًا حَقًّا بِإِلْغَاءِ مَا بَيْنَ أَوَّلِ الْآيَةِ وَآخِرِهَا مِنَ الْعَمَلِ، فَيَكُونُ قَدْ عَارِضَ حُكْمَ اللَّهِ بِالرَّدِّ، وَلَوْ كَانَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُؤْمِنًا حَقًّا لَمَا كَانَ لِقَوْلِ اللَّهِ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال: ٤] بَعْدَ الْأَعْمَالِ الَّتِي وَصَفَهُمْ بِهَا مَعْنًى، إِذْ كَانَ مَنْ عَمِلَ تِلْكَ الْأَعْمَالَ وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْهَا مُؤْمِنًا حَقًّا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا إِنْسَانٌ حَقًّا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِنْسَانٌ بَاطِلًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا إِنْسَانٌ حَقًّا، لِيُمَيَّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنْسَانِ الْبَاطِلِ الَّذِي لَيْسَ بِإِنْسَانٍ حَقًّا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: مُؤْمِنٌ حَقًّا لَوْ كَانَ لَيْسَ لِلْإِيمَانِ خُصُوصٌ وَعُمُومٌ، كَمَا أَنَّ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ خُصُوصٌ وَعُمُومٌ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: فُلَانٌ رَجُلٌ حَقًّا، لَا يُرِيدُ أَنَّهُ ذَكَرٌ حَقًّا لَيْسَ بِأُنْثَى، لِأَنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا بَاطِلًا، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: رَجُلًا حَقًّا، أَيْ كَامِلًا فِي قُوَّتِهِ وَبَصَرِهِ وَحُسْنِ تَدْبِيرِهِ، فَجَازَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال: ٤] إِبَانَةٌ عَنِ اسْتِكْمَالِ

1 / 357