وصوله إليه. فالحركة فيه كالثبات فى المكان الطبيعى للأجسام المتحركة على الاستقامة فلهذا يتحرك دائما.
الحركة استكمال الفلك ويتبعه كمال آخر وهو وجود ما يكون عن حركتها من هذه الأشياء الكائنة. وهذه الحركة تابعة لطلبها الكمال ، والتشبه بالبارى ، ونفس ذلك التصور وذلك الشوق هو الموجب لها وليس هى مقصودة بذاتها ، بل المقصود بذاتها طلب الكمال فتتبعه الحركة كاللازم له.
حركات الفلك كمالات له ، ويلزم عنها كمالات أخر ، وهو وجود سائر الأشياء الموجودة الكائنة : فتلك الأول وهى ثوان.
إرادة الفلك والكواكب أن تستكمل وتتشبه بالأول فتتبع إرادتها هذه الحركة ويلزم عن حركتها وجود هذه الكائنات كمالات ثوان.
فإن قال قائل لم لا يصح أن تكون (37 ا) طبيعة الفلك تقتضى الحركة كما تقتضى طبيعة الحشو السكون فى أمكنته؟ فالجواب : أن الطبيعة إنما يصدر عنها ما يصدر على سبيل اللزوم ، فلا يصح أن يصدر عنها على سبيل اللزوم حركة إلى جهة ثم يصدر عنها على سبيل اللزوم حركة إلى ضد تلك الجهة ، اللهم إلا أن تتغير. وحركة الفلك ليست إلى جهة واحدة فإنها تتحرك من المشرق إلى المغرب ثم تتحرك منه إلى المشرق. فلو كانت طبيعية لكانت إلى جهة واحدة ، كما أن طبيعة الأرض تقتضى السكون فى مكان على سبيل اللزوم والحركة إلى المركز إذا لم تكن فى موضعه على سبيل اللزوم ، وكذلك طبيعة كل واحدة من العناصر. واللزوم هو أن يلزم شىء واحد لا الشىء وضده. وأيضا فإن الطبيعة ثابتة ، والحركة غير ثابتة. ومحال أن يصدر عن الشىء شيء يزول ، والعلة ثابتة. فإذن علة الحركة الفلكية هى النفس التي له.
الغرض فى الحركة الفلكية ليس هو نفس الحركة بما هى هذه الحركة بل حفظ طبيعة الحركة إلا أنها لم يمكن حفظها ، فاستبقيت بالنوع ، أى بالحركات الجزئية. وذلك كما استبقى نوع الإنسان بالأشخاص لأنه لم يمكن حفظه بشخص واحد لأنه كائن ، وكل كائن فاسد بالضرورة ، والحركة الفلكية وإن كانت متجددة فإنها واحدة بالاتصال والدوام ، ومن هذه الجهة وعلى هذا الاعتبار تكون كالثابتة.
الأشخاص التي لا نهاية لها ، إنما الغرض فيها أن توجد طبيعة نوعها لكن كان من الضرورى أن يكون استبقاء ذلك النوع بأشخاص لا نهاية لها ، وهذا الضرورى هو بمعنى القسم الأول من الضرورى. وفرق بين أن نقول : أشخاص لا نهاية لها ، وبين
Página 108