لا تكون علتها المكان الآخر الذي هو نظيره. فالمتشخص بذاته إذن هو الوضع. فالزمان أيضا متشخص بالوضع ، وكذلك كل أمر عام. والوضع أيضا غير متشخص ما لم تشترط فيه وحدة الزمان ، وكل شيء متشخص فهو مما وضعه واحد أعنى زمانه واحد. وما ليس بزمانى ولا جسمانى فلا تتكثر أشخاصه.
العقل الفعال إذا استكمل بتعقل الأول لزم عنه عقل آخر.
هذه الموجودات اللازمة عن الأول كثيرة ولا يجب أن يكون عن الأحدى الذات إلا واحد ، فيجب أن يكون عنه بتوسط العقل الفعال. وسبب الكثرة يكون كثرة ولا كثرة فى العقل إلا التثليث المذكور فيه وهو إمكانه بذاته ووجوبه بالأول وأنه يعقل الأول فهذه هى علة الكثرة ، وهى علة لإمكان وجود الكثرة فيها ، إذ لا كثرة هناك غير هذه اللوازم المذكورة.
هذه العقول تعقلها لذواتها هو وجودها.
«إمكان الوجود فيها يخرج إلى الفعل بالفعل الذي هو يحاذى صورة الفلك» : معناه أن صورة الفلك تخرج مادتها إلى الفعل وتقوم وجودها فكذلك فعل البارى يخرج إمكان وجود العقول إلى الفعل ، والصورة فى جميع الأشياء هى المحاذية للفعل ، ولذلك يسمى كل شىء يوجد بالفعل صورة.
قوله : «وبما يختص بذاته على جهة الكثرة الأولى» يريد به الإمكان الذي له بذاته ووجوب وجوده من الأول فهما السبب فى وجود مادة الفلك وصورته. والإمكان سبب لوجود مادة الفلك ، لأن المادة هى ما بالقوة ، ووجوب الوجود سبب الصورة لأنه بالفعل ، ويكون ما بالفعل سببا لما بالفعل.
قوله : «إن وضع لكل فلك شيء يصدر عنه فى فلكه شيء وأثر من غير أن تستغرق ذاته فى شغل ذلك الجرم به» أى إن فرض له شيء يصدر عنه فى الفلك أثر من غير أن يكون منطبعا فيه ولكن يكون مباينا له فى القوام والفعل فهو العقل المجرد. فلكل فلك عقل مجرد هو يعقل الأول ، وهو السبب فى تشويق الفلك أى أنه لا يصح إذا صدر فعل عن جسم أن يصدر عن جرم ذلك الجسم من دون أن يكون لجميع أجزاء الجسم فيه أثر.
ليس العلة فى صدور الفعل عن شخص إنسان دون الآخر ماهية الإنسان ، وإلا ما كان يصح صدور هذا الفعل. إذ ليس تتعين علته فإذن النسب فيه الشخصية والشخصية بالوضع. ومثاله أن الفعل الصادر عن زيد إنما يصح أن ينسب إليه من دون عمرو لشخصيته. والتشخص بالوضع. فالوضع بالحقيقة هو العلة فى تعين هذا الفعل.
Página 99