منها قوة بها تقبل الوجود من الأول ، فإمكان وجودها فى ذواتها لا فى شىء آخر ، وهى غير مادية بل هى معان بسيطة.
الأشياء التي لا يسبق وجودها عدم هى المبدعات ، والتي يسبق وجودها عدم هى المحدثات. وكل شىء لا تعلق له بمادة فلا يصح أن يسبقه عدم. ومثل ذلك يكون إمكان وجوده فى ذاته لا فى غيره.
المعدوم على الإطلاق لا قوة فيه يقبل بها الوجود من موجده ، فلا يوجد البتة. وليس كذلك الممكن ، فإن فيه قوة ، فلذلك يوجد ، ولولاها لما كان يوجد.
النفس الإنسانية جوهرة قائمة بذاتها ، لا تنطبع فى مادة ، بل هى مفارقة. وإنما احتاجت إلى هذا البدن لأن إمكان وجودها لم يكن فى ذاتها ، بل مع هذا البدن ، واحتاجت أيضا إلى البدن لتنال به بعض استكمالها.
لو لم تكن النفس حادثة لما احتاجت إلى البدن.
** البحث عن حال الممكن :
، وهو أنه يجب وجوده بغيره ، معنيان : أحدهما أن يوجد شىء سببا ، كما يوجد إنسان بيتا ، والثاني أن يتعلق وجوده بالموجود ويبقى وجوده به ، مثل الضوء الذي يبقى فى الأرض مع قيام الشمس. وعند الجمهور أن الموجد هو الذي يوجد سببا ، فإن حصل وجوده ، استغنى عن الموجد. ويحتجون بأن ما حصل وجوده ، استغنى عن الموجد ، فإن الموجد لا يوجد ثانيا. ويمثلون لذلك مثالا بأن البانى إذا بنى بيتا لم يحتج البيت إلى البانى ثانيا. وتبطل حجتهم بأنه لا يقول أحد إن الموجد يحتاج إلى موجد يوجده ثانيا ، لكن يحتاج إلى مستبقيه ، وأما مثال البيت ففيه غلط ، فإن البناء ليس هو علة لوجود البيت ، بل هو سبب لتحريك أجزاء البيت إلى أوضاع مختلفة يحصل منها صورة البيت ، وانتهاء تلك الحركة علة لاجتماع تلك الأجزاء ، والاجتماع علة لشكل ما. وحافظ تلك الأجزاء على ذلك الشكل هو طبائعها التي تحفظ بها تلك الأجسام أمكنتها. وأيضا الموانع التي تمنع بعض الأجزاء من الحركة إلى أماكنها الطبيعية ، كالأعمدة والأساطين والحيطان الممسكة للسقوف ، فإن كل علة مع معلولها ، لأن البناء علة للحركة ، فإذا فقد البناء من حيث هو بناء ومحرك ، فقدت الحركة ، وفقدان الحركة نفس انتهائها ، وانتهاؤها علة لاجتماع الأجزاء ، واجتماعها على وضع ما علة لأن يحفظ بعض تلك الأجزاء أماكنها الطبيعية ، وبعضها يمنع عن زوال بعضها عن أماكنها ، كاللبن
Página 176