وإذا شعرت بغيرك ، كان يكون هناك غيرية بين الشاعر والمشعور به ، ويجوز أن تكون قد شعرت بذاتك أولا وشعرت بذلك الغير أولا حتى يصح لك الشعور به فتعرف الغيرية بين نفسك وبين ذلك الغير. والغيرية أيضا قد تكون على هذا الوجه وهو أن تعرف أسبابا وأحوالا وأسماء لم تطابقها مما شاهدت أو سمعت به ، فتحكم بالغيرية كما كانت الهوية مطابقة لما كنت عرفت من الأحوال والأسباب.
وأما الشعور بالذات فإن الشاعر (51 ب) بما هو (هو) نفس الذات ، فهناك هوية ولا غيرية بوجه من الوجوه. فإنك ما لم تعرف ذاتك لم تعرف أن هذا الشعور به من ذاتك هو ذاتك.
إذا لم تعرف زيدا لم تعلم أنه هو الفيلسوف. وفى الشعور بالغير يكون هناك غيرية لا محالة. فالشعور بالذات يكون بقوة واحدة. وإن كان الاعتبار من الشاعر والمشعور به مخالفا ، وفى الشعور بالغير يكون هناك شيئان : شاعر ومشعور به.
إدراكى لذاتى هو مقوم لى لا حاصل له من اعتبار شىء آخر. فإنى إذا قلت : «فعلت كذا» فقد عبرت عن إدراكى لذاتى. وإلا فمن أين أعلم أنى فعلت كذا ، لو لا أنى اعتبرت ذاتى أولا ثم اعتبرت فعلها ولم اعتبر شيئا أدركت به ذاتى؟!.
الذات تكون فى كل حال حاضرة للذات لا يكون هناك ذهول عنها. ونفس وجودها هو نفس إدراكها لذاتها ، فلا تحتاج إلى أن تدركها إذ هى مدركة وحاضرة لها ولا افتراق هناك ، كما يكون من المدرك والمدرك. فيلزم إذا كان الذات موجودا أن يكون مدركا لذاتها ، وأن يكون عاقلا لذاتها ، وشاعرا بذاتها وإلا احتاج إلى شىء يدرك به ذاتها من آلة أو قوة. فالقوة العقلية يجب أن تعقل ذاتها دائما فلا تكون ذاهلة عنها فتحتاج إلى أن تعقلها. بل نفس وجودها هو نفس إدراكها لذاتها ، وهما معنيان متلازمان.
الحس طريق إلى معرفة الشيء لا علمه. وإنما نعلم الشيء بالفكرة والقوة العقلية ، وبها نقتنص المجهولات بالاستعانة عليها بالأوائل.
الخاصة «على الإطلاق» هو أن يكون من جميع الوجوه ودائما ولجميع أشخاص النوع كالضحك. «وبالقياس إلى شىء» هو أن لا يكون على الإطلاق. كذي الرجل فإنه يعم الإنسان والطير. أو كالكاتب فإنه يعم صنفا من الناس.
المعقول من هذا الشخص والمحسوس منه يجب أن يكونا متطابقين وإلا لم يكن معقول هذا الشخص. فقولنا : المعقول منه هو الحاصل فى العقل ، وهو معنى كلى
Página 148