وفي اليوم التالي استيقظت من نومي وأنا أحس بانتعاش، وعاد إلي حماسي القديم للسعادة، ولكني تذكرت الأمس، لا، لن أعود إليه، وقلت لنفسي: حينما يكلمني في التليفون سأرد عليه في فتور.
وشعرت براحة لهذه الأفكار، تلك الراحة التي تعقب الأخذ بالثأر.
وجاء ميعاده، ولم يدق جرس التليفون، وأحسست ببوادر قلق تحوم في خجل حول نفسي.
لماذا قلقت؟ ألم أقل إني لن أعود إليه؟ ولكن ماذا لو تكلم؟ حسبي أن أرد عليه في فتور!
وأحسست بالقلق فعلا، فأخذت أقوم وأجلس، وأتمشى وأذهب إلى التليفون، وألقي عليه نظرة فاحصة، ثم أعود فأنظر من النافذة.
وأحسست بثورة عليه تملأ نفسي، ثورة غريبة لا تعرف حدودا.
وذهبت إلى التليفون مرة أخرى، وأحسست أن هذه الثورة تستحيل شعورا غامضا يشبه التمني.
كنت أتمنى أن تبعث الحياة في هذه الكتلة السوداء، فيخرج منها صوت، لكنها ظلت جامدة ميتة!
وكانت لحظات قاتلة رحت أضيعها في جولات مضطربة في أنحاء البيت.
ورأيت أمي تصنع كعكة بالبيض، وحاولت أن أملأ فراغي بشيء، فأخذت مضرب البيض ورحت أضرب الخليط بشدة، ووضعت يدي في الدقيق وأخذت أخض وأحرك ذراعي بقوة وعنف، كأني أود أن أستنفد كل قوتي، قوتي التي أفكر بها فيه.
Página desconocida