وظلت المعارك دائرة بين الجيش الهندي والباكستاني مدة طويلة حتى لجأت الهند إلى مجلس الأمن، الذي أمر بوقف القتال بين الطرفين وأرسل بعثة من المراقبين الحربيين نجحت في وقف القتال وحددت خط الهدنة بين الجيشين المتحاربين حتى يتم الوصول إلى حل سلمي. وتحتل الهند الآن منطقتي جمو ووادي كشمير بأكمله، كما تحتل باكستان معظم المناطق الشمالية والغربية، والموقف هناك أشبه بالموقف في فلسطين.
وقد اتخذت حرب كشمير طابعا خطيرا حتى لقد ظن بعض ساسة باكستان في خلالها أن الهند تريد أن تتخذ منها ذريعة لا لتثبيت أقدامها في كشمير فقط وإنما للقضاء على استقلال باكستان أيضا، ونذكر على سبيل المثال تلك البرقية التي بعث بها رئيس وزراء باكستان وقتئذ لياقت علي خان إلى نهرو بعد أن تحرجت الأمور فقد قال فيها:
إنه لمما يؤسف له أعظم الأسف أنه حتى اليوم يقوم بعض أعضاء الحكومة الهندية، ومنهم أنت، بالإدلاء بتصريحات عن عزمهم، أو عن أملهم، بإعادة باكستان إلى الاتحاد الهندي، وهم يعلمون حق العلم أن هذا لا يمكن أن يتم بدون الغزو المسلح.
إن الهند لم ترحب مخلصة بمشروع تقسيم شبه القارة إلا أن زعماءها قبلوه صاغرين حتى يطردوا القوات البريطانية منها، وقد خرجت الهند اليوم لتقضي على دولة باكستان، وإن نفس قرار انضمام جمو وكشمير للهند يعتبر عملا عدائيا موجها ضد باكستان التي تستهدف الهند دمارها.
إلا أن جواهر لال نهرو سارع إلى دفع التهم بكل شدة، ولم يكتف بذلك بل إنه ذكر أن اشتراك باكستان في القتال بكشمير يعتبر عملا عدوانيا.
وقد أخذت لجنة الأمم المتحدة للوساطة تعرض حلولا كثيرة لإنهاء النزاع، وكان من بينها قسمة كشمير بين الهند وباكستان، ويذكر أحد وسطاء الأمم المتحدة أنه عرض هذا الحل في إحدى المناسبات على غلام محمد
3
وقال له إن الهند على استعداد لقبول مثل هذا الحل، وكان رد غلام محمد على هذا الاقتراح أنه لا يمكن لباكستان أن تقبل حلا لمشكلة كشمير يقوم على أساس قسمة الولاية إلا إذا اقتصر نصيب الهند من هذه القسمة على شرق جمو ولا أكثر من ذلك، لأن باقي أقسام كشمير التي يسود فيها المسلمون يجب أن تعود إلى باكستان.
وذكر الوسيط أنه كان يزور غلام محمد بعد ظهر يوم من الأيام، وتحدث غلام محمد عن كشمير ثم قال وهو يختتم حديثه: لقد كنت صديقا لنهرو مدة ثلاثين عاما، ولقد حاربنا سويا ضد الإنجليز، والآن قد تحررنا وأصبح لكل منا دولته المستقلة، ولكن نهرو يكره مجرد وجود باكستان وهو يريد أن يقضي علينا. «وبعد، فإن في وسعه أن يفعل ذلك فلديه الجيش والعتاد، وفي وسعه أن يسير بجيوشه إلى كراتشي وأن يقتحم هذا البيت وأن يطعن قلبي بخنجره ولكنني محال أن أسلم، وستعيش إلى الأبد الفكرة السامية التي عشت من أجلها ... ومحال أن نتنازل عن كشمير».
وذكر نفس الوسيط، وهو العضو التشيكوسلوفاكي في اللجنة، أن لجنة الأمم المتحدة للوساطة في هذه المشكلة زارت سرينجار فنظمت لها حكومة كشمير رحلة إلى مدينة بارامولا التي تبعد نحو 35 ميلا من العاصمة، ورأت البعثة آثار الحرب الطاحنة وإحراق القرى والمنازل، وكانت بارامولا نفسها عبارة عن أطلال تدل على البؤس والشقاء، وكانت اللجنة تتنقل من مكان إلى آخر والبوليس يحيط بها، كما كان يتبعها آلاف من السكان التعساء، ونظم اجتماع في مكان عام وتحدث أحد الخطباء، ثم أخذ الناس يصيحون:
Página desconocida