أما إقليم الحدود الشمالية الغربية فيقع - كما يدل اسمه - في الناحية الشمالية الغربية من باكستان الغربية، ويبلغ تعداد سكانه 3253000 نسمة جلهم من البتان الذين اشتهروا بالشجاعة والشهامة وشدة البأس وإكرام الضيف وحماية الضعيف. والإقليم جبلي صخري مجدب وهواؤه جاف وسماؤه صافية وفي آفاقه سلاسل جبلية جرداء غبراء، منها سلسلة جبال سليمان ومن ورائها سلسلة جبال هندوكوش التي تطل من بعيد بقممها العالية المكللة بالثلوج ...
وعاصمة إقليم الحدود هي مدينة بشاور ذات الأسوار، ويبلغ عدد سكانها 152000 نسمة، وتزخر أسواقها بضروب السلع والبضائع مما يستجلبه إليها التجار والعملاء من جميع أرجاء الإقليم.
وتقع في الناحيتين الشمالية والشمالية الغربية من الإقليم المناطق القبلية وعدد سكانها 2647000 نسمة، وهي مناطق جرداء صيفها معتدل وشتاؤها شديد البرودة، ولا ينبت فيها من الزرع إلا الأشواك وضروب من العشب مما تقتات عليه الأغنام والماشية، ويعيش أفراد القبائل في مضارب وقرى صغيرة متناثرة هنا وهناك على سفوح الجبال.
وتتصل بإقليم الحدود من ناحية الجنوب منطقة بلوجستان (ويبلغ تعداد سكانها 622000 نفس)، وهذه منطقة واسعة تتألف من بطاح شاسعة ومن هضاب وجبال ووديان، وتنتشر فيها القرى الكثيرة على سفوح الجبال والهضاب حيث ينبت خلال الصيف بعض العشب والكلأ مما ترعاه الأغنام والماشية طوال الفصل، فإذا ما حل الشتاء واشتد البرد هبط السكان إلى السهول حول مدينتي سيبى ووهادار.
ويقع بين مدينتي كويتا وبشين واد خصب يجري فيه نهر صغير وقناة جوفية تسمى «كاريز»، وتزرع فيه الحبوب بأنواعها بكميات كبيرة، ومدينة كويتا عاصمة الإقليم وتقع في وسط هذا الوادي الغني، ويبلغ عدد سكانها نحو 84000. أما جوها فمعتدل وهواؤها عليل في الصيف، وبارد وشديد البرودة في الشتاء ، حتى لتنخفض درجة الحرارة في بعض أيام الشتاء إلى ما دون درجة التجمد، فهي تصلح لأن تكون مصيفا لا مشتى ... وهي تقع بين حقول غناء ومزارع مزدهرة. فإذا حل فصل الربيع وازدهرت الحقول بدت المدينة في حلة قشيبة تأخذ بالألباب ... أما مزارعها وبساتينها فغنية بضروب الفاكهة والخضر، كالأعناب والخوخ والسفرجل والبرقوق والتين والرمان ... ويشتهر سكان هذه المنطقة بالكرم ويزاول أكثرهم مهنة الزراعة وطعامهم العادي لحوم الضأن والجبن والخبز والفاكهة.
باكستان الشرقية
وبنغال الشرقية، وهو الإقليم الذي تتكون منه باكستان الشرقية، بلاد شديدة الخصوبة كثيرة الماء متنوعة الزرع ... والواقع أن كل شيء في هذه المنطقة يتوقف على الماء؛ الزرع والطعام والمواصلات.
والسكان هنا يقتصر طعامهم في الغالب على السمك والأرز، ويزاولون زراعة الجوت والشاي، فينتجون من الجوت أكثر مما ينتجه أي بلد آخر في العالم، إذ يبلغ محصولهم منه أكثر من ثلثي مجموع محصوله في العالم كله، وزراعة هذه الكميات الكبيرة من الجوت، وكذلك زراعة الأرز والشاي، تقتضي جهودا شاقة وهمما قوية وجلدا شديدا، فضلا عما تتطلب من كثرة الأيدي العاملة. ولقد أنعم الله عليهم بهذه الخصائص كلها، فباكستان الشرقية كثيرة السكان كثيرة الخيرات.
وأهل الريف في باكستان الشرقية يقيمون في أكواخ من القصب، يقيمونها وسط مزارع الأرز الخضراء أو مزارع الألياف الذهبية، ويقتاتون بطعام صحي بسيط هو في الغالب ما يغلونه من الأرز ومن السمك والخضر، وهم يهوون الفن بطبيعتهم فيكلفون بالموسيقى والغناء والشعر والرسم.
وعاصمة بنغال الشرقية هي مدينة داكا، ويبلغ تعداد سكانها نحو 411000، وفيها من المساجد والمنائر والقباب ما ينبئ عن تراث الإسلام فيها، ولقد كانت في وقت من الأوقات تشتهر بمهارة صناعها ودقة مصنوعاتها، لا سيما الأنسجة والخيوط المذهبة والحرير ... وهي اليوم تعج بالحركة والنشاط، وتتسع فيها العمارة اتساعا مطردا، وتعد جامعتها مركزا ثقافيا عظيما وذلك لأنها المحور الذي تدور عليه الحركة الثقافية في الإقليم كله.
Página desconocida