والعبارات الصحيحة فيه مُختلفة الألفاظ مُتفقة المعاني.
فمنها اللَّفظُ على كمالِ ماهيَّة الشَّيءِ، وهذا حدُّ صَحيحُ؛ لأنَّ الحدَّ هو الكاشفُ عن حَقيقةِ المَحدودِ، ويُرادُ بالماهية ما يُقالُ في جوابِ ما هو؟ واحتَرزوا بقولهم: «كمالُ الماهِيّة» من أنّ بعضَ ما يدلُّ على الحقيقة قد يَحصلُ من طريقِ الملازمةِ لا من طريقِ المطابقة، مثالُه: أن تَقولَ: حدُّ الإنسان هو الناطقُ فلفظُ الحدّ يكشف عن حقيقة النُّطق، ولا يَدُلّ على جنس المحدود، وإن كان لا ناطق إلاّ الإنسان، ولكن ذلك معلوم من جهة الملازمة، لا من جهة دلالة اللَّفظ، ومثالُه من النَّحو قولهم: المَصدرُ يدلُّ على زمانٍ مَجهولٍ، ولَيس كذلك، فإن لفظَ المَصدَرِ لا يَدُلُّ على زمانٍ البَتَّة وإنَّما الزّمان من ملازماته، فلا يَدخلُ في حدّه، ولو دَخَل ذلك في الحدّ لوجَب أن يُقالَ: الرَّجل والفَرسُ يدلان على الزَّمان والمكان، إذْ يُتَصَوَّر انفكاكه عنهما.
ولكنْ لمّا لم يَكُن اللَّفظُ دالًا عليهما يَدخلا في حدّه، وقالَ قومّ: حدُّ الحدّ: هو عبارةُ عن جُملة ما فرّقه التَّفصيلُ.
1 / 123