ومن ذلك: ما أنبانا نصر الله بن أحمد، شفاها أنبأنا محمد بن أحمد بن عبد الله الحراني، أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف، أنبأنا عمر بن محمد أنبأنا محمد بن عبد الباقي، أنبأنا عبد الله بن محمد الخطيب أنبأنا عمر بن إبراهيم الكتاني أخبرنا أبو بكر النيسابوري، أخبرنا بحر، أخبرنا عبد الله بن وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن أزهر بن سعيد، عن أمه، أنها كانت دخلت على عائشة، فذكرت لها أنها تصوم رجب، فقالت عائشة: صومي شعبان، فإن فيه الفضل. قد ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناس يصومون رجب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين هم من صيام شعبان.
ورواه عبد الرزاق في "مصنفه"،عن داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يصومون رجب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأين هم من شعبان ؟ قال زيد: وكان أكثر صيام رسول الله بعد رمضان، شعبان. ويحتمل أن تحريه صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء بعينه كان لغير هذا المعنى، لأنه صدر أن صوم كان مفترضا قبل رمضان. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فعل شيئا من الطاعات واظب عليه. وأما حديث عائشة - رضي الله عنها - ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل شهرا قد إلا رمضان، وما رأيت أكثر صياما منه في شعبان.
فظاهرة فضيلة الصوم في شعبان على غيره. لكن ذكر بعض أهل العلم أن السبب في ذلك، أنه كان صلى الله عليه وسلم ربما حصل له الشغل عن صيام الثلاثة أيام من كل شهر، بسفر أو غيره، فيقضيها في شعبان، فلذلك كان يصوم في شعبان أكثر مما يصوم في غيره، لأن لصيام شعبان فضيلة على صيام غيره ومما يقوي هذا التأويل: ما رواه أبو داود وغيره، من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخل النصف من شعبان فلا تصوموا". وفي رواية، فلا يصومن أحد.
وفي رواية، إذا دخل النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام.
Página 37