Tabsirat Hukkam
تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام
Editorial
مكتبة الكليات الأزهرية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1406 AH
Ubicación del editor
مصر
Géneros
Fiqh Maliki
[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْكِتَابِ فِي مُقَدِّمَاتِ هَذَا الْعِلْمِ وَفِيهِ أَبْوَابٌ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ وَمَعْنَاهُ وَحُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ]
قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: حَقِيقَةُ الْقَضَاءِ الْإِخْبَارُ عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ.
قَالَ غَيْرُهُ: وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ قَضَى الْقَاضِي أَيْ أَلْزَمَ الْحَقَّ أَهْلَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ﴾ [سبأ: ١٤] أَيْ أَلْزَمْنَاهُ وَحَتَّمْنَا بِهِ عَلَيْهِ، وقَوْله تَعَالَى ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ﴾ [طه: ٧٢] أَيْ أَلْزِمْ بِمَا شِئْت وَاصْنَعْ مَا بَدَا لَك.
وَفِي الْمَدْخَلِ لِابْنِ طَلْحَةَ الْأَنْدَلُسِيِّ الْقَضَاءُ مَعْنَاهُ الدُّخُولُ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْخَلْقِ لِيُؤَدِّيَ فِيهِمْ أَوَامِرَهُ وَأَحْكَامَهُ بِوَاسِطَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
قَالَ الْقَرَافِيُّ حَقِيقَةُ الْحُكْمِ إنْشَاءُ إلْزَامٍ أَوْ إطْلَاقٍ وَالْإِلْزَامُ كَمَا إذَا حَكَمَ بِلُزُومِ الصَّدَاقِ أَوْ النَّفَقَةِ أَوْ الشُّفْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَالْحُكْمُ بِالْإِلْزَامِ هُوَ الْحُكْمُ، وَأَمَّا الْإِلْزَامُ الْحِسِّيُّ مِنْ التَّرْسِيمِ وَالْحَبْسِ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْزَامِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ مَا حَكَمَ بِهِ هُوَ عَدَمُ الْإِلْزَامِ وَأَنَّ الْوَاقِعَةَ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ وَعَدَمُ الْحَجْرِ، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالْإِطْلَاقِ فَكَمَا إذَا رُفِعَتْ لِلْحَاكِمِ أَرْضًا زَالَ الْإِحْيَاءُ عَنْهَا فَحَكَمَ بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَبْقَى مُبَاحَةً لِكُلِّ أَحَدٍ، وَكَذَلِكَ إذَا حَكَمَ بِأَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ طَلْقٌ لَيْسَتْ وَقْفًا عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ وَالْحَاكِمُ شَافِعِيٌّ يَرَى الطَّلْقَ دُونَ الْوَقْفِ، وَأَنَّهَا تَبْقَى مُبَاحَةً، وَكَذَلِكَ الصَّيْدُ وَالنَّحْلُ وَالْحَمَامُ الْبَرِّيُّ إذَا حِيزَ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْحَائِزِ الْأَوَّلِ صَارَ مِلْكًا لِلْحَائِزِ الثَّانِي فَهَذِهِ الصُّوَرُ وَمَا أَشْبَهَهَا كُلُّهَا إطْلَاقَاتٌ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهَا إلْزَامُ الْمَالِكِ عَدَمَ الِاخْتِصَاصِ، لَكِنَّ هَذَا بِطَرِيقِ اللُّزُومِ، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَقْصُودِ الْأَوَّلِ بِالذَّاتِ لَا فِي اللَّوَازِمِ، كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَوَّلَ مِنْ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَإِنْ كَانَ
1 / 11