43

La Visión

التبصرة

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ، بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْعَطَّارَ يَقُولُ: حَضَرْتُ جُنَيْدًا عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَا وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَكَانَ قَاعِدًا يُصَلِّي وَيَثْنِي رِجْلَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ، فلم يزل كذلك حتى خرج الرُّوحُ مِنْ رِجْلَيْهِ، فَثَقُلَ عَلَيْهِ تَحْرِيكُهُمَا، وَكَانَتْ رِجْلاهُ قَدْ تَوَرَّمَتَا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا هَذَا يَا أَبَا الْقَاسِمِ؟ قَالَ: هَذِهِ نِعَمُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ قَالَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ لو اضطجعت؟ فقال: يا مُحَمَّدٍ هَذَا وَقْتٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ. اللَّهُ أَكْبَرُ. فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَتْ رُوحُهُ. طُوبَى لِمَنْ تَنَبَّهَ مِنْ رُقَادِهِ، وَبَكَى عَلَى مَاضِي فَسَادِهِ وَخَرَجَ مِنْ دَائِرَةِ الْمَعَاصِي إِلَى دَائِرَةِ سَدَادِهِ، عَسَاهُ يَمْحُو بِصَحِيحِ اعْتِرَافِهِ قَبِيحَ اقْتِرَافِهِ، قَبْلَ أَنْ يَقُولَ فَلا يَنْفَعُ، وَيَعْتَذِرَ فَلا يُسْمَعُ: (قَدْ قُلْتُ لِلنَّفْسِ وَبَالَغْتُ ... وَزِدْتُ فِي الْعُتْبِ وَأَكْثَرْتُ) (يَا نَفْسُ قَدْ قَصَّرْتِ مَا قَدْ كَفَى ... تَيَقَّظِي قَدْ قَرُبَ الْوَقْتُ) (جُدِّي عَسَى أَنْ تُدْرِكِي مَا مَضَى ... قَدْ سَبَقَ النَّاسُ وَخُلِّفْتُ) (أَنَا الَّذِي قَدْ قُلْتُ دَهْرًا غَدًا ... أَتُوبُ مِنْ ذَنْبِي فَمَا تُبْتُ) (لَوْ كُنْتُ ذَا عَقْلٍ لَمَّا حَلَّ بِي ... نَحْتٌ عَلَى نَفْسِي مَا عِشْتُ) (وَاحَسْرَتِي يَوْمَ حِسَابِي إِذَا ... وَقَفْتُ لِلْعَرْضِ وَحُوسِبْتُ) (وَاخَجْلَتِي إِنْ قِيلَ لِي قَدْ مَضَى ... وَقْتُكَ تَفْرِيطًا وَوُبِّخْتُ) (وَلِي كِتَابٌ نَاطِقٌ بِالَّذِي ... قَدْ كُنْتُ فِي دُنْيَايَ قَدَّمْتُ) (تُمِيلُنِي الدُّنْيَا بِأَهْوَائِهَا ... لَوْلا شَقَاءُ الْحَظِّ ما مات) (وَقَدْ تَحَيَّرْتُ وَلا عُذْرَ لِي ... إِنْ قُلْتُ إني قد تحيرت) قال عيسى بن مَرْيَمَ ﵇: لا يَنْتَظِرُ امْرُؤٌ بِتَوْبَتِهِ غَدًا، فَإِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ غدٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَأَمْرُ اللَّهِ غَادٍ وَرَائِحُ. بَادِرْ أَيُّهَا الشَّابُّ قَبْلَ الْهَرَمِ، وَاغْتَنِمْ أَيُّهَا الشَّيْخُ الصِّحَّةَ قَبْلَ السَّقَمِ، قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ بَدَنِكَ الأَلَمُ، وَيَقُولَ لِسَانُ الْعِتَابِ: أَلَمْ [أَقُلْ لَكَ أَلَمْ] قَالَ نَبِيُّنَا ﷺ:

1 / 63