270

La Visión

التبصرة

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

وَتَنْهَمِكُ عَلَى تَحْصِيلِ غَرَضِهَا وَإِنْ أَعْقَبَهَا طُولُ مَرَضِهَا، فَيُنْسِيهَا عَاجِلُ مَا يُسِرُّ آجِلَ مَا يَضُرُّ.
فَلَمَّا وَضَعَهَا الْحَقُّ عَلَى هَذَا وَأَلَّفَهَا، خَاطَبَهَا بِمُخَالَفَةِ هَوَاهَا وَكَلَّفَهَا، وَبَيَّنَ لَهَا طَرِيقَ الْهُدَى وَعَرَّفَهَا، وَلَطَفَ بِهَا فِي أَحْوَالِهَا وَتَأَلَّفَهَا، وَذَكَّرَهَا مِنَ النِّعَمِ مَا سَلَّفَهَا، وَأَقَامَهَا عَلَى
مَحَجَّةِ التَّعْلِيمِ وَوَقَّفَهَا، وَحَذَّرَهَا مِنَ الزَّلَلِ وَخَوَّفَهَا، وَضَمِنَ لَهَا أَنَّهَا إِنْ جَاهَدَتْ أَسْعَفَهَا، وَإِنْ تَرَكَتْ أَغْرَاضَهَا أَخْلَفَهَا، وَمَا وَعَدَهَا وَعْدًا قَطُّ فَأَخْلَفَهَا وَأَوْضَحَ لَهَا عُيُوبَ الْعَاجِلَةِ وَكَشَفَهَا، وَرَغَّبَهَا في لذة جنة وصفها، فذكر لها منزلها وَغُرَفَهَا وَأَنْهَارَهَا وَطَرَفَهَا، وَحَذَّرَهَا جَهَنَّمَ وَأَسَفَهَا وَغَيْظَهَا عَلَى الْعُصَاةِ وَلَهَفَهَا، وَأَعْلَمَهَا أَنَّ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ، وَلَقَدْ أَنْصَفَهَا.
فَعَذَّلْتُهَا وَقَرَّعْتُهَا وَأَوْعَدْتُهَا وَأَسْمَعْتُهَا، فَلَمْ تَرْتَدِعْ عَنْ هَوَاهَا وَلَمْ تَنْزِعْ عَمَّا آذَاهَا، وَرَأَتْ مَصَارِعَ الْقُرَنَاءِ وَمَا كَفَاهَا، وَلَمْ تَأْنَفْ مِنْ ذُنُوبِهَا وَذُلُّ الْمَعَاصِي قَدْ عَلاهَا، وَكَأَنَّ الْخِطَابَ الَّذِي أَتَى مِمَّنْ سَوَّاهَا إِلَى سِوَاهَا.
فَعَلِمْتُ حِينَئِذٍ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُحَاسِبُهَا وَتَفْتَقِرُ إِلَى مَنْ يُطَالِبُهَا، وَلا تَسْتَغْنِي عَنْ مُوَبِّخٍ يُعَاتِبُهَا، وَلا بُدَّ مِنْ رَائِضٍ إِنْ وَنَتْ يُعَاقِبُهَا.
فَالْعَجَبُ مِمَّنْ عَرَفَ نَفْسَهُ كَيْفَ أَهْمَلَهَا، وَاللَّهِ لَقَدْ ضرها وقتلها.
أخبرنا محمد بن الملك، أنبأنا أحمد بن الحسين ابن خَيْرُونٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ، أنبأنا أبو بكر ابن عَبْدُوَيْهِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا شقيق ابن إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو هَاشِمٍ الأَيْلِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " يَا ابن آدَمَ لا تَزُولُ قَدَمَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ بَيْنِ يَدِي اللَّهِ ﷿ حَتَّى تُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عُمْرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ، وَجَسَدِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ، وَمَالِكَ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَهُ وَأَيْنَ أَنْفَقْتَهُ ".
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلافُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْحمَامِيُّ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَوَّاصُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نصر، قال

1 / 290