252

La Visión

التبصرة

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

(إِنْ كَانَ لا يَعْنِيكَ مَا ... يَكْفِي فَمَا يَعْنِيكَ جَدُّ)
(هَوِّنْ عَلَيْكَ فَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يُعْطَى مَا يَوَدُّ ...)
(وَتَوِّقْ نَفْسَكَ فِي هَوَاكَ ... فَإِنَّهَا لَكَ فِيهِ ضِدُّ)
(مَنْ كَانَ مُتَّبِعًا هَوَاهُ ... فَإِنَّهُ لِهَوَاهُ عَبْدُ)
إِخْوَانِي: مَتَى أَصْبَحَ الْهَوَى أَمِيرًا أَمْسَى الْعَقْلُ أَسِيرًا، التَّقْوَى دِرْعٌ وَالدِّرْعُ مَجْمُوعٌ حِلَقٌ، فَغَضُّ الْبَصَرِ حَلْقَةٌ، وَحَبْسُ اللِّسَانِ حَلْقَةٌ، وَعَلَى هَذَا سَائِرُ مَا يُتَوَقَّى، فَإِيَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ خَلَلا فِي دِرْعِكَ فَإِنَّ الرَّامِيَ يَقْصِدُ الْخَلَلَ، مَتَى فَسَّحْتَ لِنَفْسِكَ فِي تفريط وإن قل انخرق حرز احترازك!
كان بعض المتعبدين يمشي في وَسَطَ الْوَحْلِ وَيَتَّقِيهِ وَيُشَمِّرُ عَنْ سَاقَيْهِ، إِلَى أَنْ زَلِقَتْ رِجْلُهُ، فَجَعَلَ يَمْشِي فِي وَسَطِ الْوَحْلِ وَيَبْكِي، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: هَذَا مِثْلُ الْعَبْدِ لا يَزَالُ يَتَوَقَّى الذُّنُوبَ حَتَّى يَقَعَ فِي ذَنْبٍ وَذَنْبَيْنِ فَعِنْدَهَا يَخُوضُ الذُّنُوبَ خَوْضًا.
قِيلَ لِعُبَيْدَةَ بِنْتِ أَبِي كِلابٍ: مَا تَشْتَهِينَ؟ فَقَالَتِ: الْمَوْتَ. فَقِيلَ: وَلِمَ؟ قَالَتْ: لأَنِّي وَاللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أُصْبِحُ أَخْشَى أَنْ أَجْنِيَ عَلَى نَفْسِي جِنَايَةً يَكُونُ فِيهَا عَطَبِي أَيَّامَ الآخِرَةِ.
يَا مَسْتُورًا عَلَى الذَّنْبِ انْظُرْ فِي سِتْرِ مَنْ أَنْتَ، لَوْ عَرَفْتَنِي أَعْرَضْتَ عَنْ غَيْرِي، لَوْ أَحْبَبْتَنِي أَبْغَضْتَ مَا سِوَايَ، لَوْ لاحَظْتَ لُطْفِي لَتَوَكَّلْتَ ضَرُورَةً عَلَيَّ، خَاصَمْتُ عَنْكَ قَبْلَ وُجُودِكَ ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تعلمون﴾ وَاسْتَكْثَرْتُ قَلِيلَ عَمَلِكَ: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ واعتذرت لك في زللك: ﴿فدلاهما بغرور﴾ وغطيت قبيح فعلك ﴿يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله﴾ وَلَقَّنْتُكَ عُذْرَكَ عِنْدَ زَلَلِكَ: ﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكريم﴾ وأربحتك معاملتك: ﴿فله عشر أمثالها﴾، مَنْ خَاصَمَ عَنْكَ وَأَنْتَ مَفْقُودٌ لا يُسَلِّمُكَ وأنت

1 / 272