La Visión
التبصرة
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
وفي قوله: ﴿ينظرون﴾ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: يَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ ﷿ مِنَ الْكَرَامَةِ. وَالثَّانِي: إِلَى أَعْدَائِهِمْ حِينَ يُعَذَّبُونَ.
سَجْعٌ
كَانُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى الْمُجَاهَدَةِ يُصِرُّونَ، وَفِي دَيَاجِي اللَّيْلِ يَسْهَرُونَ، وَيَصُومُونَ وَهُمْ عَلَى الطَّعَامِ يَقْدِرُونَ، وَيُسَارِعُونَ إِلَى مَا يُرْضِي مَوْلاهُمْ وَيُبَادِرُونَ، فَشَكَرَ مَنْ رَاحَ مِنْهُمْ وغدا فهم غدا ﴿على الأرائك ينظرون﴾ .
كانون يحملون أعباء الجهد والعنا، ويفرحون بِاللَّيْلِ إِذَا أَقْبَلَ وَدَنَا، وَيَرْفُضُونَ الدُّنْيَا لِعِلْمِهِمْ أَنَّهَا تَصِيرُ إِلَى الْفَنَا، وَيُخَلِّصُونَ الأَعْمَالَ مِنْ شَوَائِبِ الآفَاتِ لَنَا، وَيُحَارِبُونَ الشَّيْطَانَ بِسِلاحٍ مِنَ التُّقَى أَقْطَعَ مِنَ السَّيْفِ وَأَصْلَبَ مِنَ الْقَنَا، فَغَدًا يَتَّكِئُونَ عَلَى الأَرَائِكَ وَقُطُوفُهُمْ دَانِيَةُ الْمُجْتَنَى، وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَا النَّعِيمِ أَنْ أَتَجَلَّى لَهُمْ أَنَا، كَفَى فَخْرًا أَنَّهُمْ عِنْدِي غَدًا يَحْضُرُونَ ﴿على الأرائك ينظرون﴾ .
كَانَتْ جُنُوبُهُمْ تَتَجَافَى عَنْ مَضَاجِعِهَا، وَلا تَسْكُنُ لأَجْلِي إِلَى مَوَاضِعِهَا، وَتَطْلُبُ مِنِّي نُفُوسُهُمْ جَزِيلَ مَنَافِعِهَا، وَتَسْتَجِيرُنِي مِنْ مَوَانِعِهَا وَتَسْتَعِيذُ بِجَلالِي مِنْ قَوَاطِعِهَا، وَتَصُولُ بِعِزَّتِي عَلَى مَخَادِعِهَا، فَقَدْ أَبْدَلْتُهُمْ بِتَعَبِ تِلْكَ الْمُجَاهَدَةِ لَذَّةَ السُّكُونَ، فَهُمْ ﴿عَلَى الأرائك ينظرون﴾ .
يَا حُسْنَهُمْ وَالْوِلْدَانُ بِهِمْ يَحُفُّونَ، وَالْمَلائِكَةُ لَهُمْ يَزُفُّونَ، وَالْخُدَّامُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ يَقِفُونَ، وَقَدْ أَمِنُوا مَا كَانُوا يَخَافُونَ، وَبِالْحُورِ الْعِينِ الْحِسَانِ فِي خِيَامِ اللُّؤْلُؤِ يَتَنَعَّمُونَ، وَعَلَى أَسِرَّةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَتَزَاوَرُونَ، وَبِالْوُجُوهِ النَّضِرَةِ يَتَقَابَلُونَ، وَيَقُولُونَ بِفَضْلِي عَلَيْهِمْ وَنِعْمَتِي لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ ﴿عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ﴾ .
سَجْعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نضرة النعيم﴾ قَالَ الْفَرَّاءُ: بَرِيقَ النَّعِيمِ.
1 / 233