La naturaleza y lo sobrenatural: la materia, la vida, Dios
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
Géneros
من البديهي أن الخالق معني بخلقه مدبر له، وإلا خالف الحكمة والطيبة. من البديهي أن الله رسم للعالم برنامجا، وعين له بالإجمال، ولكل شخص من أشخاصه بالخصوص، هدفا يسعى إليه ويؤيده هو فيه. فالملقبون بالطبيعيين، المؤمنون بالله، المنكرون للعناية، يناقضون أنفسهم مناقضة ظاهرة. وأفلوطين وأتباعه يؤولون العناية طبقا لمذهبهم العام. عرفها ابن سينا بقوله: إنها «إحاطة علم الأول بالكل، وبالواجب أن يكون الكل على أحسن نظام، وبفيضان الخير في الكل».
8
إن هذا غير كاف: ليست العناية مجرد إحاطة علم الأول بالكل، ولكنها توجيه فعال إلى غاية، وتوفيق فعال إلى الأفعال والغايات، ولا سيما بالنسبة إلى الإنسان الكائن العاقل الحر، البادي امتيازه في أحداث التاريخ، وبنوع أخص في النظام الخلقي الذي هو أعلى وأهم من الطبيعة المادية، فإنه هو الذي يخلع على العالم القداسة والجمال. ما العالم الذي يفترضه الكثيرون من مادة بحتة؟
وتشتمل العناية على حفظ الموجود في وجوده الممنوح له بالخلق؛ إذ لو كانت المخلوقات تبقى موجودة بدون مدد من الله لكانت مستغنية عنه، أي لصار وجودها واجبا لها، ومحال أن ينقلب الوجود الممكن وجودا واجبا، ولكنه يظل ممكنا محتاجا للتثبيت في الوجود، وقد عرف ديكارت الحفظ بأنه «خلق مستمر»، ولا بأس بهذا التعريف على ألا يفهم منه أن الله يدع المخلوق يعود إلى اللاوجود في كل آن ويخرجه منه في كل آن، فإن هذا الفهم قد يؤذن بسلب العلية عن المخلوقات؛ بل بسلب ذاتيتها وإنيتها بحيث تستأنف في كل آن وجودا جديدا، ويكون لها في كل آن شخصية جديدة تمحو الماضي وعواقبه. الواجب أن نعتقد أن الحفظ والخلق فعل واحد بعينه، وأن لا فرق بين حفظ الله للموجودات في الوجود الذي منحها إياه مرة، وبين منحها إياه دائما.
هوامش
الفصل الخامس
بطلان الأحادية
(1) ليس الوجود متناقضا ولا واحدا
باستعراض صفات الذات وصفات الفعل حاولنا أن نحدد ماهية الله بما يستطاع من دقة، فعرفنا كل صفة، ورددنا طائفة من الاعتراضات والإشكالات توسمنا فيها المعونة على التدقيق، مستبقين طائفة أخرى إلى الفصول التالية، ننظر فيها فنزيد الصفات شرحا وجلاء. فبهذا الفصل نعرض للأحادية كنانة المعارضة ومجمع الإشكال. وبالفصل التالي يستوفى الحديث عن الصفات فيما تثير من مسائل مختلفة، ثم نبين الرأي الصحيح في مسألة الشر المعتبرة منذ زمان طويل أخطر اعتراض على وجود الله.
نقدم المسائل العامة على الخاصة، فنبدأ بمعنى الوجود، حيث أمعن شبهات الأحاديين تطرفا، فإذا رتبناها بهذا الاعتبار، وضعنا في رأسها قول هجل أن معنى الوجود متناقض؛ لأنه خلو من كل ماهية، غير معين أصلا، واللاتعيين المطلق هو لاوجود مطلق. فهجل يؤول اللاتعيين كأنه استبعاد لجميع أنحاء الوجود بحيث لا توجد بأي حال، وهذا المعنى غلط، بدليل أن الموجودات المعينة تتالى في تجربتنا. فالمعنى المقبول للاتعيين أن معنى الوجود على تجريده، يحتوي بالفعل، احتواء ضمنيا غامضا، على أنحاء الوجود، دون تخصيص واحد منها، ولا استبعاد واحد.
Página desconocida