Tabaqat Shaficiyya
طبقات الشافعية للإسنوي
Géneros
اشتغل باسنا على البهاء القفطي، ثم اعتزل الناس ولزم بيته، مقبلا على ما هو الأهم، من صلاة وقراءة قرآن، ومطالعة، وما يحتاج إليه عياله من خياطة، ونحوها فإذا كان العيد جمع أولاده وأخذ لهم شيئا من الفقه والفرائض والعربية، وكنت ممن يحضر وكان لا يخرج منزله غالبا إلا للجامع لصلاة الجمعة، والعشاء والصبح خاصة، ثم يخرج لمجرد سلام الإمام، فنعود إليه بحيث أن أكثر أهل بلده مع انضباطهم، وانحصارهم لا يعرفونه. وكانت له أرض لطيفة مشتملة على نخيل، وكان فيها بركة يحصل منها كفاية عياله غالبا، وكان محاسبا لنفسه للغاية، وعلمت ذلك مع صغر سني بشهرة حاله من حيث الجملة وبحكاية وعيتها منه، وهو: إنه حصل له ولغالب من عنده عوارضوانكاد، وشواغل قلبية شوشت عليه جدا، ومنعته من اجتماع قلبه عليه، فتحاكى ليلة هو والوالدة رحمهما الله تعالى في ذلك ثم قال: أنا أعلم من أين دخل علينا الدخيل، فقالت له، ما هو؟ وكان له عبد دون البلوغ، اسمه: صبح، فقال: وأنا اسمع ان فلانا قد وجد خريطة من الجلد فيها نصف درهم وعلمت بها، وكان يجب علي أن انتزعها منه، فأهملت ذلك وأقررتها في يده، فعوقبنا به، هذا كلامه رحمه اللهوانا صغير أسمعه منه بالليل في خلوتهما، فليتأمل المتأمل هذه الحكاية وليعلم مقدار من هذا شأنه في محاسبته نفسه، ألهمنا الله تعالى كما فيه صلاح حالنا بمنه وكرمه.
توفي رحمه الله تعالى بأسنا، في آخر اليوم الثامن من شهر الله المحرم، سنة ثمانية عشر وسبعمائة، وعمره بين الستين والسبعين.
163 - عمه
وكان له أخ أسن منه يقال له: جمال الدين عبد الرحيم اشتغل على البهاء القفطي أيضا، وأجازه بالفتوى، وناب في الحكم في جهات متعددة، وكان مشهورا بمعرفة «الوسيط» توفي قبل ولادتي بأشهر قلائل، فسماني الوالد باسمه ولقبني بلقبه. جمعنا الله وإياهم في مستقر رحمته، وكانت ولادتي في آخر سنة أربع وسبعمائة.
Página 92