[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن يا كريم الحمد لله مميت الأحياء، ومحيي الأموات، ومعيد الخلائق من اللحوم المتمزقة، والعظام الرفات، المعبود بكل مكان، المحمود بكل لسان، الدائم الباقي و{كل من عليها فان} [الرحمن: 26] ندب قوما للقيام بشريعته، فحملوا أعباءها بالجدوالاجتهاد، وجعل لهم لسان صدق في الآخرين، إلى يوم البعث والتناد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عقدها الجنان، ونطق بها اللسان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بخير الأديان، في خير الأزمان، الذي فضل الله أمته في التوراة والإنجيل، وجعل علماءهم كانبياء بني إسرائيل، صلى الله عليه وعلى آلهوسلم تسليما كثيرا. وبعد: فإن الشافعي رضي الله عنه وأرضاه، ونفعنا به وبسائر أئمة المسلمين أجمعين، قد حصل له في أصحابه من السعادة أمور لم تتفق في أصحاب غيره، منها:
انهم المقدمون في المساجد الثلاثة الشريفة، شرفها الله تعالى، ومنها: أن الكلمة لهم في الأقاليم الفاضلة المشار إليهم، وغالب الأقاليم الكبار العامرة، المتوسطة في الدنيا، المتأصلة في الإسلام، وشعار الإسلام بها ظاهر منتظم، كالحجاز واليمن، ومصر، والشام، والعراق، وخراسان، وديار بكر واقليم الروم ومنها إزدياد علمائهم في كل عصر، إلى زماننا بالنسبة إلى غيرهم، وسببه ما أشرنا إليه من ظهورهم على غيرهم في الأقاليم السابق وصفها.
Página 13