Tabaqat Nahwiyyin Wa Lughawiyyin
طبقات النحويين واللغويين
Investigador
محمد أبو الفضل إبراهيم
Editorial
دار المعارف
Número de edición
الثانية
Géneros
وكانت وفاته يوم الجمعة، ومعي مُتطبِّبٌ لنا، فلما دخلت عليه قال: أتيتَ بما في نفسي، كنتُ الساعةَ على أن أكتبَ إليك أسألك البعثةَ به إليَّ، فقد سرَّني أن وقع مجئيه بالاتفاق. فنظر إليه، وجسَّ يدَه، ثم قال له: أنت كأنك الدّرّ، أنت في كلِّ عافية، القوة تامَّة، والنبضُ طبيعيّ، والذي تشكوه من دم. فرأيته وقد اقشعرَّ وجهه وقال: بشَّرك الله بخير! وسنُّه في الوقت تسعون سنة وسبعة أشهر.
قال بعضهم: كنَّا عند أحمد بن يحيى نُعزِّيهِ بخَتَنِه أبي عليٍّ -وقد جاء نعيه من مصر يوم الأحد لستٍّ بقين من ذي الحجة سنة ست وثمانين-، فقال في كلام جرى: ما كنتُ في وقت من الأوقات أشدَّ تثبُّتًا في العربية واللغة مني في هذا الوقت؛ لأنِّي كلَّما طاولتها وتبحرتها احتجتُ إلى التثبُّت فيها. ثم قال: وأرى قومًا ينظرون أيامًا يسيرة، ثم يقع لهم أنهم قد بلغوا واكتفوا.
قال: وقال أبو العباس: أحسنَ زهير في القول والمعنى ما شاء. وكان يتعصَّب له ويقدِّمه. فقال أبو عمر -وكان يقدِّم الحطيئةَ-: ما أدفع فضل الحطيئة. فقال: وأنا لا أدفع فضل زهير. قال: فمن أين مثل قول زهير:
تَهامون نجديُّون كيدًا ونُجْعةً ... لكل أناس من وقائعهم سَجْلُ
سعى بعدهمْ قومٌ لكي يدركُوهُمُ ... فلم يفعلُوا ولم يلاموا ولم يألوا
قال: فمِنْ أين مثل قول الحطيئة:
أولئك قومٌ إن بنوْا أحسنُوا البنا ... وإن عاهدُوا أوفَوْا وإن عَقَدوا شَدُّوا
1 / 144